بلسان عربي مبين.. الباحث/محمد عبدالكريم الدليمي
بلسانٍ عربيٍّ مبين :
ربما لم يصدقني من له الأمر ، إنَّ ترك العربية الفصحى إلى اللسان المعوج ، هو سبب نكستنا نحن العرب ، ولن تقومَ لنا قائمةٌ إن لم يرجع اللسان العربي إلى كلامنا ؛ أو على أقل تقديرا تكون دراستها بشكل جدي وعلى أعلى المستويات .
لا يفهم الخطر الحقيقي بذلك من لم يفهم معاني القرآن الكريم ولم يدرس ألفاظه، فاللفظ متحرك ،والمعاني تستبدل أماكنها ، خلال حقب الزمن ، ويتلوه تطور في اللغة أو تأثيل ألفاظها، قال تعالى : ﴿مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ ﴾ الآية الكريمة تتحدث فقهيا عن الناسخ والمنسوخ وهذه أحكام يعرفها أهل الفقه ، وهم أدرى بشعابها ، ولكن ما دور عالم اللغة هنا ، ألم يتحدث عن إبدال واستبدال وموت وحياة للألفاظ ، فهو كذلك علم اللغة له تلك الوقفة المتمثلة في التورية هنا ، وحكم أهل اللغة قديما عن القرآن الكريم كله تورية؛ والتورية ما كان للفظ معني قريب ومعني بعيد؛ اشتق من لفظها معنى لفظي قريب الى الذهن ومعنى علمي فقهي يأتيك بعد العلم .
لغتنا العربية لغة توقيفية أي لا يجوز تركها أو استبدالها أو تحريفها فكل ما جاء منها فهو خير حتما للانسان ، وكل ما ترك منها هو شر على الانسان حتما ، وكل لحقبته . واللسان المعوج المتمثل بالعامية ما هو من العربية لا من قريب أو بعيد ، وإنما هو صنع على شاكلة ألفاظ العربية الفصحى ، ونجد من ذلك ما جهله بعض النقاد أو ما يسمون أنفسهم باللغويين أن العامية هي أحد ألسن العربية، أو يأتي أخر ويقول لابد من دمج اللسانين بما يحسن من العامية، وهذه دعوة خطرة لأن الله سبحانه تكلم بالعربية، وبين أيدينا القرآن الكريم شاهدنا، فكيف تدمج معوج وضعي من قبل الإنسان مع توقيفي تحدث به الله سبحانه! ، تلك إذن دعوة خبيثة لتزييف وتحريف كلام الله سبحانه وتعالى، إن لم تكن بصورة الألفاظ فهي بصورة المعاني حتما ، والمعاني إذا حرفت لا يستقيم لك لفظ البتة ، وإذا حُرف لفظ في العربية فجذره هو ما يُحرف ويسقط المعنى عنه ، والإثنان خطرهما أشد من قتل الانسان .
اللسان العامي هو المرض الذي يصيب فطرة الانسان فيشوه صورته ومن ثم يغير سلوكه وبعدها يجعله أضل سبيلا، . ومن أمراض اللسان العامي؛ سهولة الكفر ، سخف المعنى ، كثرة السب ، لا يُفهم معناه إلا بالطلسم المتعارف عليه ، يجعل الانسان كثير اللغو ، كثير الحلف ، لسانه كثير الكذب ، سلوكه غير منتظم ومضطرب ، تفكيره غير مستقيم ، ... وهلم جرا . كل ذلك جاء بتعمد تغيير فطرة الإنسان التي فطره الله عليها .
و من علامات اللسان العربي المبين :
الكرم وعزة النفس، تهذيب الأخلاق، الصدق ، حسن اللجوء إلى الله بالدعاء والاستغفار ، طيب الطباع ، الاتزان في السلوك ، وصاحبه لا يحب الوشم، ولا يحب اللغو ، ولا يقسم إلا للضرورة، بعيد عن الشرك والكفر ... وهلم جرا للصحيح.
يقول تعالى (... صبغة الله ) صبغها علينا بنعمه ، وفضله ، ما جاءتنا من أنفسنا، بل ما امتلكناه من اللغة العربية ذلك الفضل الكبير الذي منَّ الله به علينا ، فاستبدلناه بلسان حقير لا قيمة له ، حتى بالترجمة، انظر لنفسك ، أنت تترجم مرتين من لغة أعجمية إلى الفصحى ثم إلى عامية، والعكس صحيح . كم كان تفكيرنا ضعيفا عندما استبدلنا اللسان العربي المبين بالذي هو عامي فقير لا قيمة له !!
ومن هنا أذكر قوله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) فمن أراد رفع الغمة عن الأمة فليبادر للناس بالصلاح باسترداد اللسان العربي المبين .
والله من وراء القصد .
الباحث محمد عبد الكريم الدليمي
تعليقات
إرسال تعليق