رهين المكبات..الشاعر/أسامه مصراوه
الجزء الخامس من قصيدتي "رهين المكبات" المكونة من 320 قصيدة
101
فَأيْنَما تَسيرُ حَربًا تَرى
تَحْرِقُ كُلَّ ما احْتَواهُ الثَّرى
أطْماعُ قوْمٍ في حِمى غيْرِهِمْ
تَحْتَ أكاذيبَ بِها يُفْتَرى
102
كُنْتُ أُطيلُ وَقْفَتي مُغْضِبا
شِلَّتَنا فَأَصْطلي لّهَبا
لِذلِكُمْ كُنتُ أحُثُّ الْخُطى
كيْ لا يُقيموا حوْلَها لَجَبا
103
ما كُلُّ ما يريدُهُ عُمَرُ
يريدُهُ كذلِكُمْ مُضَرُ
ففي مُيولِنا مُغايَرةٌ
حتى لِكُلِّ واحِدٍ نَظَرُ
104
كمْ كنْتُ معْ جيرانِنا ألْعبُ
في بيْدَرِ الْقمْحِ ولا أتْعَبُ
وقبلَ أنْ نعودَ للْحارَةِ
كنّا إلى العيْنِ معًا نذْهَبُ
105
قدْ كانَتِ الْعيْنُ تُزَوِّدُنا
بِمائِنا فلا يُهدِّدُنا
كما هو الْيومَ انْقِطاعٌ لهُ
أوْ غاصِبٌ جاءَ يُشَرِّدُنا
106
قدْ أصْبَحَ الماءُ سلاحًا لَهُ
يُعاقِبُ الْكُلَّ بِهِ ويْلَهُ
فالْمُجْرِمُ الْقاتِلُ لا يرْعوي
حتى إذا أشْفى بِنا غِلَّهُ
107
الْعَدْلُ في الدُّنيا بلا مِخْلَبِ
وَهْمٌ سرابٌ كذوي الْمَطْلَبِ
لا يوجِعُ الظُلْمُ ولا يؤْلِمُ
قلْبَ عَدُوٍّ جُنَّ مِنْ كَلَبِ
108
لا تطْلُبُ الْعَدْلَ مِنَ الْقاتِلِ
الْغاصِبِ الْمُجْرِمِ السَّافِلِ
حتى ولا تطْلُبُهُ ذِلَّةً
مِمَّنْ بِحُكْمٍ باطِلٍ زائِلِ
109
خفْ مِنْ أعادٍ إنَّما أكْثَرُ
خفْ مِنْ أقاربٍ فَهُمْ أَخْطَرُ
واحْذرْ لِسانَهُمْ وَكُنْ واعِيًا
فالسُّمُّ في الشَّهْدِ تُرى يُسْتَرُ
110
في العيْنِ كنّا جميعًا نسْبحُ
بالرَّغْمِ من أنَّ الْحَصى يجْرَحُ
كمْ حاولَ الرعْيانُ إخْراجَنا
كمْ حاوَلوا النُصْحَ فهلْ نُنْصَحُ؟!
111
كنّا صغارًا لمْ نكُنْ نخْرُجُ
ولم نكُنْ مِنْ نِسْوةٍ نُحْرَجُ
فالْعيْنُ للْماءِ هِيَ الْمَصْدَرُ
والسَّيْرُ للْعيْنِ كذا مُبْهِجُ
112
فالأرْضُ كالْعادَةِ مُخْضرَّةُ
مُصْفرَّةٌ حتى وَمُحْمرَّةُ
فأَيْنما تمشي ترى لوْحَةً
كأَنّما الأرضُ بِها ثوْرَةُ
113
شقائِقُ النُعْمانِ تسْحَرُنا
بالْحُبِّ والْغرامِ تغْمُرُنا
والنَّرْجسُ الرَّقْراقُ مُنْهمِكٌ
بذاتِهِ والْحُسْنُ يُبْهِرُنا
114
والْحُلَّةُ الْبيْضاءُ تَنْتَظِرُ
وَعِطْرُها في الْجوِّ ينْتَشِرُ
يا لوْزَةً بالنّورِ قدْ أَشْرَقتْ
والزَّهْرُ كاللّهيبِ يسْتَعِرُ
115
وَها هُنا بِقُرْبِنا الزَّعْتَرُ
وَبيْنَهُ النَّرْجِسُ والْعَبْهَرُ
أرضًا كساها اللهُ بالزِّينَةِ
وَحوْلَنا الأشْجارُ والثَّمَرُ
116
كانَ الجميعُ مِثلَما الأُخْوَةُ
ميَّزَتِ الْكُلَّ هُنا النَّخْوَةُ
في وَطَنٍ ليْسَ لنا غيْرُهُ
بالاتِّحادِ تَكْمُنُ الْقُوَّةُ
117
كُنّا أُناسًا دونَما فِتَنِ
وَأصْلُنا مِنْ صَفْوَةِ الْمَعْدنِ
قلوبُنا لا تعْرِفُ الْخَوَرا
رُغْمَ الْمآسي وابْتِلاءِ الزَّمَنِ
118
كمْ مِنْ غُزاةٍ على أرضي مَشَوْا
وَكمْ على شَعْبي سنينًا عَتَوْا
كمْ قَتَلوا وَأحْرَقوا كمْ وَكمْ
مِنَ الْفسادِ بيْنَنا قدْ عَثَوْا
119
كمْ مِنْ بُيوتٍ ويْلَهُمْ دَمَّروا
وَعائِلاتٍ عُنْوَةً هَجَّروا
تبًا لهُمْ سُحقًا وَبُعْدًا لَهُمْ
كمْ مِنْ دماءِ الْعُرْبِ قدْ أَهْدَروا
120
لكِنَّهُمْ فَلّوا بِقُطْعانِهِمْ
بلْ بِكِلابِهِمْ وَجُرْذانِهمْ
نِهايَةُ الْغازي بِأنْ يَرْحَلا
والْخِزْيُ والْعارُ لِأَعْوانِهِمْ
121
كانتْ لَنا زيْتونَةٌ أذْكُرُ
نقْطُفُها ثُمَّ مَعًا نعْصُرُ
قدْ كانَ ذاكَ الزَّيْتُ نورًا لنا
يُضيئُ كلَّ البَيْتِ بلْ أكْثَرُ
122
وكُنتُ أُحِبُّ النوْمَ في ظِلِّها
لكِنَّني انْدَهَشْتُ مِنْ طولِها
عُلُوِّها وَمِنْ ضَخامَتِها
لَعلَّها ترْمي إلى نُبْلِها
123
بنفسِها تفْخَرُ بل أَصْلِها
وَصبْرِها على مدى حَمْلِها
وَشتْلَةٍ بالْقُربِ مِنها بدَتْ
كابْنَتِها أوْ رُبّما طِفْلِها
124
كمْ حاوَلوا مِنْ جذْرِها خلْعَها
كمْ حاولوا مِنْ أَصْلِها نَزْعَها
لكنَّها تَشَبَّثتْ أكْثرُ
بِرَغْمِ أهْلٍ حاوَلوا بيْعَها
125
قدْ كانتِ الأُمَّ الْحنونَ وما
خانتْ وَإنَّما سَمتْ كرَما
معْ أنَّ بعْضَ الناسِ في دَمِهمْ
طبْعُ عَمالَةِ الْجُدودِ نما
126
تعليقات
إرسال تعليق