التقوى.. بقلم الكاتب/إسماعيل مفتاح الشريف
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته /
( وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى )
.. إخواني إنها رسالة عاجلة لنا جميعاً يحتاج إليها الشيوخ ويحتاج إليها الشباب .. يحتاج إليها الرجال ويحتاج إليها النساء الجميع يحتاجون إليها .. التزود بتقوى الله -جل وعلا- لأنه خير زاد خير ما ينفعك بين يدي الله -تبارك وتعالى- يوم القيامة أن تلقى الله –عز وجل- وقد ختم لك بالخواتيم الحسنة الطيبة.
.. التقوى هي وصيةُ الله عزَّ وجل للبشر أجمعين وذلك لأنها جامعةٌ لكل خير فالذي يتَّقي الله سبحانه وتعالى سيوحِّده وحده ولن يشرك به شيئًا سيبحث عمَّا يُرضيه سبحانه فيأتيه وعمَّا يغضبه سبحانه فيجتنبه فهي خير وصية من ربِّ البريَّة يرشد عبادَه لما فيه فلاحُهم ونجاحهم في الدنيا والآخرة.
.. أيضاً التقوي هي أن يجتهدَ العبدُ في تَرْك الذنوب كلِّها صغارها وكبارها ويجتهد في الطاعات كلِّها الواجبات والنوافل ما استطاع فمثل هذا يستحق اسم المتقي .. وقد يسأل سائل : كيف نتقي الله عز وجل؟ والاجابة على ذلك هي أن تقوى الله تكون بمحبَّة الله عز وجل .. والمحبة شجرةٌ في القلب كم ذكرها ابن القييم رحمه الله تبارك وتعالى.. هي أن شجرة في القلب عروقُها: الذلُّ للمحبوب وساقُها: معرفته وأغصانها : خشيتُه وورقها: الحياء منه وثمرتها: طاعته ومادتها التي تسقيها: ذكرُه فمتى خلا الحبُّ عن شيء من ذلك كان ناقصًا.
.. كذلك إن التقوي هي مراقبة الله عزَّ وجلَّ: فيدرِّب العبدُ نفسَه على المراقبة وأن يستشعرَ اطِّلاع الله عز وجل عليه فيستحي عند ذلك من المعصية ويجتهد في الطاعةحيث قال الله تعالى: ( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).. نضيف أيضاً أن التقوي لله هي أن تتعلَّم أنْ تغالب هواك وتطيع مولاك: كما جاء ذكر ذلك في قوله تعالي : ( فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى).
.. إخواني إن لتقوي الله.. ثمراتها العاجلة والآجلة : أما ثمرات التقوى العاجلة أي: ( في الدنيا).. فمنها المخرَج مِن كلِّ ضيق والرزق من حيث لا يحتسب حيث قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).. ومن ثمرات التقوى أيضاً السهولة واليسر في الأمر حيث قال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).. وهي نعمةٌ كبرى أن يجعل اللهُ الأمور ميسَّرة لعبدٍ من عباده فلا مشقَّة ولا عُسر ولا ضيق.
.. كذلك ومن ثمرات التقوى.. تيسير العلم النافع حيث قال تعالى : ( وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ).. جاء في ذكر العثيمين رحمه الله بقوله عن الفرقان .. أي ما تفرِّقون به بين الحقِّ والباطل والضارِّ والنافع ومن ذلك : العلم… يفتح الله على المتَّقي من العلوم ما لا يفتحها لغيره ومن ذلك الفهم لأن التَّقوى سببُ زيادة الفهم وقوَّةُ الفهم يحصلُ بها زيادة العلم ويدخل في ذلك أيضًا الفراسة.. فالله يعطي للمتَّقي فرَاسةً يميِّز بها بين الناس.
ومن ثمرات التقوى أيضاً.. محبة الله عزَّ وجلَّ ومحبة ملائكتِه والقبول في الأرض حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز : ( بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) أي إن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبَّه اللهُ فإذا أحبَّه الله حبَّبه إلى عبادِه..
.. قد سعدنا بصحبة التَّقوى وأهلِها وثمارها فهل لك أخي في أن تحقِّق لنفسك السعادةَ في لحظة واحدة؟ وهي لحظة صِدقٍ يجلس فيها العبدُ إلى نفسه فلا يخدعها ولا تخدعه يفكِّر فيما مضى من عُمره ويتذكر قول القائل : ما مضى من أعمارنا وإن طالَت أوقاتُه فقد ذهبَت لذَّاته وبقيَت تبعاتُه وكأنه لم يكن إذا جاء الموتُ وميقاته قال الله تعالي : ( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ)
.. تلا بعضُ السلف هذه الآيةَ وبكى وقال: إذا جاء الموتُ لم يُغن عن المرءِ ما كان فيه من اللَّذَّة والنعيم.. فالدنيا إخواني معبَر لا مقر وراحلة لا مُكث والسعيدُ من اتَّعظ بغيره وانتَهَز فرصةَ الحياة في التزوُّد للآخرة.
.. مع تحياتي وفائق إحترامي لكم جميعاً : إسماعيل مفتاح الشريف.
البلد : ليبيا.
الصفة : رئيس مجلس الإدارة/ لمؤسسة الخيمة الثقافية للسلام.
تعليقات
إرسال تعليق