الرحيل.. بقلم/د. محمد المصري
الرحيل
******
انتهيت تماما من إعداد حقيبتي. ومازال أمامي متسعا من الوقت
لأحتسي فنجانا من القهوة لأقتل ذلك التوتر الذي بدا يتلاعب بمشاعر واحاسيس كنت لفظتها تماما من حياتي وبت شخص غريب حتي عن نفسه. كتمت انفعالاتي وانا احتسي قهوتي وجلت اتفحص حجرتي وأجول ببصري واتفقد المكان كمن أراه لأول مرة
تلك الاركان..تلك الجدران التي مازالت تحتضن ذلك الإطار المعلق في احد الأركان. تلك النظرات الثاقبة وتلك الإبتسامة التي تحمل خلفها تلك الاسرار الدفينة..والتي جعلتني في حيرة من أمري فلم أعي كنه تلك الابتسامة الغامضة والتي تتحول في بعض الأحيان
الي لغز غامض..
ترددت كثيرا قبل مغادرة حجرتي أهل اصطحب ذلك الإطار ام أتركه لأقداره. تفعل به كيفما تشاء..نظرت له مليا لكنها كانت نظرة تختلف عن سابقتها..شئ جامد تتملكه القسوة والعناد.
كيف لي الهروب واصطحب من أشقتني..وزلزلت كياني وحولتني لمجرد إنسان هش أشبه ببقايا انسان.
عجبا..ما أعجب القدر ذلك العاتي المجهول الذي يتلهي بكرة السعادة فيقذفها في طريق البشر ليعدو خلفها وكلما امتدت أناملهم الرقيقة لإمساكها عاد وقذفها بعيدا ليعدوا خلفها من جديد تطاردهم ضحكاته الساخرة.
مر الوقت سريعا..وحانت ساعة الرحيل..مازلت أرقب ذلك الإطار
وما لبست ان مددت يدي ونزعته من علي الجدار وألقيت به أرضا
تناولت معطفي وحقيبتي ..غادرت حجرتي علي عجل وانصرفت في هدوء.
كان الصمت يغلف المكان قبيل الفجر بنحو الساعة..انطلقت مسرعا
حيث كانت الباخرة في الانتظار.
هناك قرب المرسي كانت في الإنتظار..لم أعي أهل جاءت لوداعي
ام لتتأكد من رحيلي..
علي بعد عدة خطوات نظرت البها نفس النظرة الثاقبة..نفس الابتسامة الغامضة قرأت خلف عينيها عدة تساؤلات..كنت قرأتها عدة مرات من قبل..ترددت كثيرا..اخذت خطوتي تجاهها..دارت برأسي فعلتها الأخيرة .أسرعت تجاه الباخرة ولم ألتفت خلفي
و.....أقلعت الباخرة في رحلة بلا عودة..
**********
محمد المصري
تعليقات
إرسال تعليق