هل تستيقظ الأحلام.. قصة قصيرة.. بقلم الأديبة المبدعة/د. سرى شاهين
..هل تستيقظ الأحلام..
قصة قصيرة
حين صاح الدّيك في حديقة منزلها،معلناً بدء نهار جديد، حملت سلّتها التي ملأتها طيلة الليل بالأحلام.
خرجت إلى الشارع،" شارع الحياة " تلوكُ حزن الأمس لقمةمن اسى تبتلعها على اشتعلات القرار..
بائعة الأحلام في خُلدة الحنين، تبيع أحلامها بقلبٍ وبضع نبضات..
بلمسةٍ وبعض نظرات...
وذلك الحلم الصغير في قعر السلةِ،.
احدث الأحلام واجملها، تتمنى أن لا تبيعه، لكن فلسفة دفع الأثمان جعلت مصيره يدور على حواف السّلة، ويتعشق نسيج قشها.
كانت تتمنى ألاّ تجعله سلعةً تباع
وتشترى.
فقد عاشته حلماً يرسم ملامح الحقيقة في ذاتها
رمته على أطراف النسيان في غيبةٍ للأسباب، تحيه وتعتني به والوقت حان لتبيعه
وتتابع بجسدها استمرارية الحياة وروتينيتها...
تمدُّ يدها تبحث عنه في اسفل السّلة، تقلب الأحلام، برجفة شفاهٍ ودمعة، بِحيرةٍ وندم ، بإندفاع مجرمٍ ّ وصحوة تائب...
تجده، تضعه فوف الأحلام ، تريد الآن الخلاص منه، من فرحه وجرحه وبيعه لأول زبون يأتيها...
تسمع صوتاً من بعيدٍ :
- أريد ابتياع هذا الحلم الصغير الجميل...
إنّه قريبها الذي كانت معحبةً به وكان يحبها
حباً كبيراً، ويحارب من اجلها، ارتبكت، حتى انها كادت أن تسقط سلّة الأحلام من يدها على حافة الرّصيف " رصيف الإنتظار، الإختيار ، الإنتصار " وحاولت
أن تُخبىء الحلم في ثيابها او
بين الأحلام وأن ترميه من على
سور الحديقة قبل أن يصل قريبها.
لكنها لم تستطع،امسك الحلم ،
وأمسكت بنظراتها خبأتها في صندوق يديها والبستها ثياب الخوف والخجل...
فتح الحلم وقلّب ما احتواه،
فتحت عينيها وقلّبت دمعاتها على استدارة الخصر الحزين...
أغلق الحلم بأسى ورماهُ فوق الاحلام، وأطلق العنان لنظرات الشك والإتهام لتهشم وجهها البلوري الصافي...
واطلقت العنان لشفتيها ، تعتذر وتبرر ، توضح وتُفسّر ، لكنه لم يسمعها، حملَ ما انطبع في ذاكرته من الحلم وأدار ظهره ومشى دون أية كلمة، تركها تستعيد نظراتها
العالقة به وهو يخرج من هذا الصباح المشتعل...
ضمت الحلم إلى صدرها وبكت ،ابتسمت ،وضحكت .وبكت، لم تكن تعرف مايحدث لها، إذ ظلت طيلة النهار تبيع الاحلام شاردةً في أطراف الحدث ، والحلم لم يفارق صدرها...
وعند اول قبلةٍ للشمس لتلك الجبال المطلة على شرفة الحياة بحيويةٍ وشموخ ، حملت سلتها التي فرغت لتوّها من الأحلام، ومازال حلمها الصغير يغفو في حضن يديها فوق صدرها والذي لن تبيعه ابدا...
في ذاك المساء ،وهي عائدة رأت الأشجار تضم الطريق بحميمة أمٍ وترقص لها على أنغام طيور المساء
وصوت حنين النهر ، هذا كلّه فجَّرفيها شعور لم تشعر به من قبل إلا في اختلاجات الحلم الصغير...
وقتها فقط عرفت أن الحلم قدرها، ولكنها إلى الآن لم تعرف كيف توقظ الاحلام..
سرى شاهين
سورية
تعليقات
إرسال تعليق