صور من الماضي.. بقلم الأديب د.عبدالستار عمور



 

صور من الماضي.. بقلم الأديب د.عبدالستار عمور 

صور من الماضي

تطلّعت إلى خِلقتي في مرآتي المشروخة،أبصرت فيما يبصر النّائم..وجهي متجهّم..حزين كأنّما حملت همّ الدّنيا على كتفيّ،حتّى شعري بدا أشعث أغبر..كنت أعتني بنفسي ذات مرّة وأنا أطارد خيوط دّخان؛ سرعان ما تتبدّد عند وشك الإمساك بها.

انكببت هذه المرّة مرغما في محرابي عند زاوية الغرفة المشؤومة ، سقفها قرميد،أرضها تراب تفوح منها رائحة بخور الجاوي مع بقايا الشّمع المتهالك وكانون من الطّين المشويّ ينتظر دوره للحكايا والأساطير مع ابريق الشّاي وثمار القسطل والتّمر.

لم تكتف بثقب أذني بل أحضرت قصبة قصيرة مجوّفة، جعلت بداخلها عقرب حيّة وسدّت طرفيها بعجين الرّغيف وعلّقتها بخيط في رقبتي للشّفاء من الأمراض المارقة وطرد الأرواح الشرّيرة.

صوت "وابور الغاز"مابرح يغادر سمعي وأرواحنا معلّقة،تنتظر اخماد ضراوة الجوع.

تجمعنا المدرسة كلّ صباح،فتنتفض بطوننا وتخفق من الضّحك على خصلات شعرنا الّتي أخذ منها لهيب الشّمعة حصّته أو"البلّارة."

نضحك ونقهقه بالدّموع على بناطيلنا القصيرة والعريضة والضيّقة والمطبّبة بقطع مغايرة وحتّى حلاقة شعرنا الّتي تشبه جزّ العنزات.

لم أنسى أبدا جزمتي البلاستيكيّة الّتي توسّدتها يوم حصولي عليها بعد ترقّب طويل حدّ اليأس المرير؛صارعت بها قرّ الشّتاء والسّيول وأوحال الأزقّة المنكوبة التّي زادها نباح الكلاب ضراوة وهي تتسابق مع الدّجاج والبطّ لنيل حصّتها من خليط النّخّالة والبرغل تارة ومطاردة القطط تارة أخرى. تضايقت من شعرة زاحمت بذلتي التّركيّة التّصميم؛ أبعدتها بتأفّف وواجهت الشّارع بزينتي المعتادة.

د.الأديب عبد الستار عمورة الجزائر

12/03/2023

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيف ودرع...بقلم الشاعر أكرم كبشة

كادوا للأمة الإسلامية...بقلم الشاعرة تغريد طالب الأشبال

وداعا يا حبيبي....بقلم الشاعر محمد السيد يقطين

احيانا،ودي ما تغيب الذكريات....بقلم الشاعر رضوان منصور

حوار شعري بين حبيبين.. بقلم الشاعر/م.صبري مسعود.

في هذه الحديقة....بقلم الشاعر نورالدين جقار

نثريات.. بقلم الكاتب/محمد حسن البلخي

تحت وطأة الدجى....بقلم الشاعر توفيق عبد الله حسانين

تهمة في مسالك التحقيق...بقلم الشاعرة مريم بوجعدة

يمضي الليل...بقلم الشاعر أبو روان حبش