بين الوعي والحفظ....بقلم الأديب محمد حسان
(بين الوعي والحفظ)
إذا نظرنا إلى الفارق بين الوعي والحفظ نجد أن المسافة بينهم كما بين المشرق والمغرب، ففرق كبير بين أن تعي شيئا ما وأن تحفظ مضمونه وكلماته، فالوعي قرين العقل لا ينفكان، فما تعيه تعقله فيكون لك هاديا في جميع مسالك ودروب حياتك، أما ما تحفظه فلا يتعدى كونك وعاء لهذا الشيء تتحرك به ولا يصل إلى عقلك؛ فلا تستفيد منه، وهذا الأمر ينطبق على كل ما هو مفيد في حياتنا، فإذا نظرنا إلى القرآن الكريم من هذه الزاوية نجد أن الله نفسه ذم أهل الحفظ دون الوعي ومدح أهل الوعي مع الحفظ فقال تعالى( كمثل الحمار يحمل أسفارا) فالحمار يحمل الكتب ويتكبد حملها ولا يفهم ولا يعي ما فيها فيظل حمارا سواء حملها أو وضعها عن ظهره، لأنه هو بجهله وعدم وعيه لم يتحكم فيه العلم بل ما زال عقله بجهله هو ما يقوده فيتصرف تبعا لعقله هو الخالي من الوعي ، أما من يعي القرآن والعلم فيكون حمله له حمل مقود لقائد يهديه سواء السبيل، فلا يكون كمثل قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ
والماء فوق ظهورها محمول
فمن وعى بعقله أصبحت خطاه تطبيقا لما تعلمه وكان ترجمة عملية للعلم والفهم الذي يعيه صدره، لا مجرد وعاء يحمل فقط ، فقد كان الرسول صلوات الله عليه قرآنا يمشي على الأرض، فما أكثر من يحملون العلم في حياتنا في جميع مناحي ما يخص الإنسان، فنجد التشدق الذي يبهر العقول ولكن أيضا نجد البون في أرض الواقع؛ لذا نشتكي من كثرة المصلحين وقلة المستفيدين المطبقين لما سمعوا؛ لأننا نفتقد إيجاد العلاقة بين الوعي والحفظ، لذا نجد قول سيدنا إبراهيم ( يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا) فهو يدعو أباه للسير معه وفق ما جاءه من علم الله من التوحيد وغيره فيسير معه سير عالم عامل لما علم، من هنا يجب علينا أن نعي ما نعلم فتكون حياتنا كتابا عمليا مقروءا لما في صدورنا من العلم. لا كتابا مغلقا على نفسه.
بقلمي/ محمد حسان
تعليقات
إرسال تعليق