أضواء على خطبة الجمعة....بقلم الناقد والأديب والشاعر د.حسين نصرالدين علي إبراهيم


 أضواءٌعلى خطبة الجُمعة : بإيجازٍ على الرغم من أهمية ِ وثراءِ الموضوع :

خُطبة الجُمعة اليوم المُوافق " التاسع عشر " من أبريل 2024 بمسجدِ دعوة الحق برأسِ البر،اعتلى المنبرالشيخُ الشابُ الطبيب / د. خالد المُنجِي ، باركَ الله فيه ، وعنوان الخُطبة (إنَّ لكلِّ عملٍ شِرَّةٌ ولكلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ) : النصُوصُ من مصادِرِها الطبيعية القرآن الكريم والسُنة النبوية المُكرمة،والصياغة بقلم :حُسَيْن نصرالدين:

مُقدمةٌ :

استهل الشيخ الكريم الشابُ الطبيب خطبته بالحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد المرسلين،أما بعد : إنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِأَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،وعلى آله وأصحابه  أئمة الهدى ومصابيح الدُجى ومن تبعهم واقتفى وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين،وقال تَعَالَى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّاوَأَنتُم مُسْلِمُون) 102 من سورة آلِ عمران،وقال تعالى(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوارَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْئٌ عَظِيمٌ)الآية1من الحج،ثُمَ شرَعَ يُشَرِح ُتشريحاًبمبضعِه في معنى الحديثِ الشريف الذي رواهُ عبدُ الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما،(إنَّ لكلِّ عملٍ شِرَّةٌ ولكلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ) وصححه الألباني،رحمه الله،وإسنادُه صحيح على شرط الشيْخيْن .

(إنَّ لكلِّ عملٍ شِرَّةٌ ولكلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ،فمن كانت شِرَّتُه إلى سنَّتي فقد أفلح،ومنْ كانتْ فَتْرَتُه إلى غيرذلك فقد هلكَ).

أخرجه الإمام أحمد ،وابن حبان،والطبرانِي،رحمهم الله .

ف(إِنَّ لِكُلِّ عملٍ شِرَّةً،ولِكُلِّ شِرَّةٍ فترةٌ،فمنْ كان فترتُهُ إلى سنتي فقدِ اهتدى،ومَنْ كانَتْ إِلى غيرِذَلِكَ فقدْ هَلَكَ)كما رواه عبدُ الله بن عمررضي الله عنهما وأرضاهما،أخرجه الطبراني باختلافٍ يسيرٍ .

فمِن رَحمةِ اللهِ تعالى بالمسلمينَ أنْ جعَلَ لهم هذا الدِّينَ يُسْرًا،وقدحثَّنا نبيُّناﷺعلى الاقتصادِفي العبادةِ،مع الإخلاصِ  فيها والتَّسديدِ والمُقارَبةِ،ونهانَا عن التَّشدُّدِ والغُلوِّ،وعن الرِّياءِ والسُّمعةِ بالأعمالِ .

 وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ ﷺ : " إنَّ لكلِّ شَيئٍ "، أي : جميعِ الأشياءِ والأمورِ؛كالعمَلِ والعِبادةِ والاجتهادِ، والحبِّ والكُرْهِ،وغيرِذلك، له،"شِرَّةً"،أي:نشاطًا وحيوية،وشِدَّةً وحِرْصًا ورغبةً في أوَّلِه،"ولكلِّ شِرَّةٍ فَترةٌ"،أي : ضعفٌ وخمولٌ وسكونٌ في آخِرِه،فالعابدُ يُبالِغُ في العبادةِ أوَّلًا،ثُمَّ تَسكُنُ شِرَّتُه وتَفتُرُعَزيمتُه؛لذا أمَرَبهذا:" فمَن كان فَترتُه"،أي:فمَن كانت فَترةُ خُمولِه وضَعفِه،"إلى سُنَّتي فقد اهْتَدى"،وسُنَّةُ النَّبيِّ  ﷺ هي الاقتصادُ والتَّوسُّطُ،مع المُداومةِ والإخلاصِ للهِ،وعدَمِ الرِّياءِ والسُّمعةِ،(ومَن كانتْ إلى غيرِذلك فقد هلَكَ)؛لأنَّ مَن سلَكَ غيرَهَدْيِه ﷺ فهو مِن الهالكينَ . وفي الحَديثِ الشريف : حثٌّ على لُزومِ السُّنَّةِ ،وهذا الحديث  يُبينُ الطريق إلى الله عز وجل.

وعَنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه قال:قَالَ رسولُ اللهِ ﷺ : (قارِبُوا وسَدِّدوا،واعلَموا أنَّه لنْ يَنْجوَأحدٌ منكم بعَملِهِ) قالوا : ولا أنت يا رسولَ اللهِ؟قال : (ولا أنا، إلَّا أنْ يَتغَمَّدني اللهُ برحمةٍ منه وفضلٍ) . رواه مسلم .

وفي شرحِ الحديثِ الشريفِ : « المقاربة»:  القصْدُ الذي لا غُلوَّ فيه ولا تقصير،و«السَّداد»: الاستقامةُ والإصابة.

و«يَتغَمَّدني» يُلبِسَني ويَسترَني" . قال العلماءُ : معنَي الاستقامة : لزومُ طاعةِ اللهِ تعالى،قالوا : وهي من جوامعِ الكَلِمِ،وهي نظامُ الأمورِ.

وهذا الحديث يدلُّ علي أن الاستقامة علي حسب الاستطاعة،وهوقولُ النبيِّ ﷺ : «قاربوا وسدِّدوا»أي : سدِّدواعلي الإصابة،أي : احرصوا علي أن تكون أعمالكم مُصيبةٌ للحق بقدرالمُستطاع،وذلك لأنَّ الإنسان مهما بلغ من التقوى،فإنه لابد أنْ يُخطئَ ، كما جاء في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال : « كلُّ بني آدم خطّاء،وخيرُالخطَّاءين التوابون » ،وقال ﷺ : « لوْ لمْ تُذنبُوا لذهبَ الله بكم،ولجاء بقومٍ يُذنبُون فيستغفِرُون الله فيغفرُلهم» فالإنسانُ مأمورٌ أنْ يُقاربَ ويُسددَ بقدرِما يستطيعُ . ثم قال ﷺ : « واعلموا أنه لا ينجوا أحدٌ منكم بعمله » أي : لن ْ ينجوَ من النار بعمله . وذلك لأن العمل لا يبلغ ما يجبُ لله عزَّوجلَّ من الشكر،وما يجبُ له علي عباده من الحقوق،ولكنَ يتغمدُ الله سُبحانه وتعالى العبد برحمته فيغفرُ له،لأنهما أنجاه عملُه .

وهناك نصوص من الكتاب والسنة تدل على أن العمل الصالح يُنجي من النارويُدخلُ الجنة،مثل قوله تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍأَوْأُنْثَى وَهُوَمُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ النحل : 97 فكيف يجمع بين هذا وبين الحديث السابق؟والإجابة،والله التوفيق،فإن العملَ سببٌ وليس عِوضًا. فالعمل لاشك أنَّه سبب لدخول الجنة والنجاة من النار،لكنه ليس هوالعوض،وليس وحده الذي يَدْخل به الإنسان الجنَّة،ولكن فضل الله ورحمته هما السبب في دخول الجنة وهما اللذان يُوصلان الإنسان إلى الجنة ويُنجيانه من النار.

وفي هذا الحديث من الفوائد : أنَّ الإنسان لا يُعجبُ بعمله،مهما عملَ من صالح،فعمله قليلٌ بالنسبة لحق الله عليه.

وينبغِي على الإنسان أنْ يُكثرَمن ذكرالله دائمًا:«اللهم تغمَّدني برحمةٍ منك وفضلٍ»لأن العمل لنْ يُوصلَ إلى مرضاة الله،إلا برحمة الله عزَّوجلَّ .

ولنحرصَ جميعاً على مُداومة العبادات،من صلاة وصيامٍ وقيامٍ لجزءٍ من الليل،وتلاوة القرآن آناء الليل وأطراف النهار،كما كنا جميعاً نفعلُ في شهر رمضان المُبارك،فلنداوم على ذلك،فخير الأعمال الصالحة أدومها وإنْ قلَ .

ولا ننسى التضامن والدعاء لأهلنا وإخواننا المُجاهدين في غزة الباسلة وفلسطين الأبية اللهم انصرهم على عدو الله وعدوهم وعدونا ،اللهم آمين .

أحسنَ الشيْخُ الكريمُ ، وأجادَ ، وإلى جمعة ٍ قادمة ٍ إنْ شاءَ الله ، إنْ كان في العمرِ بقية ً .


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيف ودرع...بقلم الشاعر أكرم كبشة

كادوا للأمة الإسلامية...بقلم الشاعرة تغريد طالب الأشبال

وداعا يا حبيبي....بقلم الشاعر محمد السيد يقطين

احيانا،ودي ما تغيب الذكريات....بقلم الشاعر رضوان منصور

حوار شعري بين حبيبين.. بقلم الشاعر/م.صبري مسعود.

في هذه الحديقة....بقلم الشاعر نورالدين جقار

نثريات.. بقلم الكاتب/محمد حسن البلخي

تحت وطأة الدجى....بقلم الشاعر توفيق عبد الله حسانين

تهمة في مسالك التحقيق...بقلم الشاعرة مريم بوجعدة

يمضي الليل...بقلم الشاعر أبو روان حبش