رواية سبع الليالي(الجزءالثاني)الحلقة الثالثة عشر...بقلم الكاتب ناجي السمباطي.


************************************

رواية سبع الليالى/ الجزء الثانى/ المكتوب عام 1987الحلقة الثالثة عشر:

*************************************

**تمهيد:

********

***-رواية سبع الليالي/الجزء الاول/ والمكتوب/1984/ويستعرض تاريخ الحالة المصرية من القرن التاسع عشر حتى ثورة 23 يوليو1952 وانتهاء الحكم الملكي

الجزء الثاني :

************

**اما الجزء الثاني من الرواية فيستعرض تاريخ الحالة المصرية من ثورة يوليو 52 حتى اوائل الثمانينيات وقد كتب عام 1987

ومنشورات الرواية على كافة المواقع الالكترونية(الرقمية) وشبكات التواصل الاجتماعي

وملحوظة مهمة: ما أنشره الآن من الجزء الاول والثاني المكتوبين عام 84 و87 على التوالي ..لم اغير حرفا منذ نشرهما لأول مرة منذ سنوات ويمكن مقارنة ما أنشره على ما نشر من قبل على مواقع النت

**************************************************

رواية سبع الليالى/ الجزء الثانى/ المكتوب عام 1987الحلقة الثالثة عشر:

**تقدير فخرى :ش .ف بقلم : ناجى عبدالسلام السنباطي

*************************************

**************************

*** فتح الباب ودخل من دخل فإذا هم عائلة الأستاذ محسن ، زوجته عفاف ، وأمها فتحية والأستاذ محسن ذاته ، فقال عرفان مسلما مرحبا ، سائلا عن الأحوال ، فرد الجميع الحمد لله ، وجدناه كما قلت ، أمام السلم في الحديقة وحفرنا في حرص فوجدناه ، وقمنا بفكه في حجرها ، وكأنك فتحت القفص ، للعصفور ، فطار في الحال ، كذلك الصداع ، طار في الهواء ، وعادت عفاف نقية من كل سوء ، وفرحنا جميعا كل العائلة للشفاء وأقمنا حفلة ، حضرها الأقارب والأصدقاء ، وجئنا نشكرك علي كل هذا ، فشكرهم ، عرفان ، وقال نحن لا نفعل شيئا نستحق عليه الشكر ، ولكن الأستاذ محسن قال ولكني أريد أن أعرف من هو الذي قام بهذا وأردفت السيدة فتحية ، أي والله يا أستاذ عرفان من هو هذا الإنسان ، الذي يفرق الناس ويبغضهم إلي هذا الحد ، فقال عرفان لا داعي يا جماعة ، مادام الشفاء قد حل وذهب كل شىء ، إلا أن العائلة ، شددت وأقسمت علي أن يبلغهم بمن فعل ومن عمل ، فرضخ عرفان لقولهم ، وتأمل قليلا في لحظات صمت وإطلع علي كتبه وزاد من كمية البخور ثم قال ، قريب جدا ابن العم أو ابن الخال كان يسعى طالبا لها ولم يوفق فكان ما كان ..

فشكره ، بعد أن ذهبوا في حيرة الأفكار ، وهم يتمتون وهم راحلون ، " معقول ، معقول يعملها يوسف ، ولا محمد ولا رفعت ولا مين " لأ مش معقول أكيد واحد تاني يمكن اسماعيل ، ولا سيد ولا مختار ولا عبـده" .

وهكذا كان لا يريد عرفان ، أن يصرح بأكثر مما يحل المشكلة ، ولكنه مضطر ولا مضطر يركب الصعب ، المهم أنهم غادروا عرفان ، وبعده قابلوا مظلوم وانتهت مشكلتهم ، ولكن حيرتهم لم تنته ، وإن قالوا في نفس واحد ، منه الله ، من فعل ومن عمل .

*** ثم دخل علي عرفان ، شاب الصحافة أو صبى الصحافة ، وقال له الآن جئت لأشكرك يا سيدي ، لقد عدت إلي نفسي ، ولكن بعد جهد شديد ، وقد التحقت بصحيفة ، الوعد وهي صحيفة جديدة ، ولكن رجالها ، من صاحب ومن رئيس ومن محررين ومحررات ، في غاية الانسجام ، فقال له إذن قد حققت أحلامك ، بإذن الله ، فقال له والآن يا أستاذ سميح ، وقد تحققت أمنيتك ، أمازلت تبحث عن البيضة الأول أم الفرخة ؟! فقال له سمير من فضلك اسمي الفني سميح الوادي ، هذا أولا ، أما حكاية البيضة أم الفرخة ، فقد قطعت الخطوة الأولى ، ولعلهم يوافقون علي القيد ، هذه المرة إلا أن ما يبسطني في صحيفة الـوعـد أن فيها أفكار شابة جيدة ، ورغم أن رئيس تحريرها رجل في منتصف العمـر ، إلا أنه شباب في أفكاره ، ولقد وجد في نشاطا هائلا ، فنزلت إلي الساحة من أول يوم ، ذهبت مع الأستاذ حسين السيناوي ، إلي مرسى مطروح ، وعملنا تحقيق صحفي عن مقابر العلمين ، وحقول الألغام ، وقابلنا معمرين ، من أيام الحرب ، وانتقلنا من هناك إلي الوادي الجديد ، وقمنا بتغطية كاملة عن هذه المحافظة الجديدة ، عادات وتقاليد المجتمع ، ورجاله ونسائه ، ومصادر دخـلـه ، وكل شىء عن هذه المحافظة ، وقد نشرت هذه الموضوعات تباعا ، ألا تقرأها يا أستاذ عرفان ؟ فرد عرفان والله ، أنا لا أتابع جميع الصحف ، وسوف أبحث عنها وأقرأها ، واستطرد سميح وذهبت مع الأستاذ إسماعيل العثمانلي وعمرو زايد ، وتامر عيسى وياسر خليفة ، وقمنا بتغطية شاملة ، لمنطقة سيناء ومعادنها وبترولها ، ومناطقها السياسية والدينية ، والتاريخية كنا مجموعة ، برئاسة الأستاذ اسماعيل العثمانلي ، وباقي المجموعة زملاء جدد مثلي تماما ، وقمنا بزيارة أخرى ، مع الأستاذ عمر العريشي للاسماعيلية ، وقمنا بتغطية ممتازة ، لشركة القناة وفروعها ، بدأنا بالإسماعيلية ، ثم السويس ثم رجعنا مرة أخرى إلي الإسماعيلية ثم بورسعيد ، وقمت مع الأستاذ رضا المطروحي ، بعدة أحاديث صحفية ، مع بعض المسئولين في الدولة ومع الأستاذة زهيرة عابد وسناء رياض ونادية الملاخ ، ونفيسة البيلي وكلهم صحفيات كبار ، قمنا بتغطية لآثار مصر فذهبنا إلي الأهرامات ، وإلي الأقصر وزرنا المتحف المصري ، وكان الجزء الأول من تغطية آثار مصر وقمنا مع الأستاذ عبد العظيم قابيل ، زيارة للمتاحف التاريخية ، والمساجد الآثرية والإسلامية ومسجـد الحسين والسيدة نفيسة ، وغصنا في المخطوطات الصفراء به ، وخرجنا بموضوع جيد ، وقد أجرينا أحاديث أخرى مع بعض الدبلوماسيين العرب كالأستاذ جابر الفهد وزايد عيسى وياسر خليفة وعرضنا للعلاقات المصرية العربية ، وأثر حرب اليمن علي العلاقات العربية وكـان هناك المعارض علي أساس أنها جرت الجيش المصري إلي معركة بعيدة عن استراتيجيته وأنها محاولة خبيثة لتفتيت جهوده ، وانها دقت الإسفين بين العرب ، بينما العدو الرئيسي بكامل قوته .. وقمت بعدة أحاديث فنية ، مع بعض الفنانين والفنانات ، وكان معي الزميلة ماجدة فراج ، ومنال الحكيم وعما آدم وزين الدين أبو السعود....

********************************************

**وأيضا قمت مع زملاء كبار ، بتغطية عدة موضوعات رياضية ، أذكر منهم اسماعيل نجيب ، وناصف عبد المجيد ، وحجازي محمود وعبد الله إمام وحمادة لطيف . المهم يا أستاذ عرفان أنني اشتغلت مع هؤلاء جميعا وتمرنت بكل الأقسام ولم أترك قسما لم أعمل به وكان يشجعني رئيس التحرير الأستاذ عصام عبد العال وصاحب الجريدة الأستاذ فهمي عبد السلام ، فابتسم عرفان وقال له وكيف فلت من التأميم ؟!!! فرد سميح والله لا أعلم ولكن هي جريدة مرخص لها وجميعهم مقيدون بالنقابة فيما عدا الجدد ، جاري قيدهم ، فقال له عرفان المهم أن تكون أحسن حالات وأفضل من ذي قبل وأعلم أن كل شىء يأتي بأوانه ، وأن المرحلة التي مررت بها لم تكن إلا كبوة ولكل جواد كبوة ، وأنت جواد أصيل فلا تجعل مثل هذه تلفت نظرك وتأمل عمالقه الصحافة وكيف أثروا الفكر ودافع عن الحق مهما كان أمامك من مغريات ولا تكن إمعة تمشى مع الزفة ، وتدق الدفوف والطبول ، لكل من هب وكل من دب ، ولا تطعن في زميل لك ، ولا تجرحه بغير ما فيه من أجل مركز تهواه ، أو مجاملة ترضاها أو سعيا إلي كسب ود كبير أو صغير فأنت صاحب قلم وعليك أن تتحرى الحقيقة كاملة وأن تعرف كل الملابسات ولا تعتقد أن المعروفين والمشهورين علي حق دائما ، فقد يكونوا مخطئين أيضا كما أن المضمورين والضعفاء ، قد يكون الحق معهم فلا تقف مع قول أي إنسان دون أن تتأكد وتفحص ولا تنتمي إلي جماعة أو شلة ولا تتجسس علي زملائك وليكن قلمك من أجل رد الحقوق لأصحابها وكشف المظالم ، ورفعها عن كاهل المظلومين ، ولا تبرر للمخطىء أو للظالم فعله ، وحاول حل المشاكل فإذا تعنت الظالم فإكشفه بكل الطرق ، ولا تخدعنك ، أقنعة الناس فتخفي عنك الحقيقة أو تلون أو تقلب فيصبح الظالم هو المظلوم والمظلوم هو الظالم ، ويصبح القوى هو الصادق والضعيف هو الكاذب ، تحرى الصدق في كل كلمة ودعم عملك بالمستندات والآراء المثبتة لما يثار ولا تأخذ آراء من تشتم في آرائهم شبهة الزيف أو الممالأة أو النفاق ، لمن يثار ضده هذه القضايا فقد يكون رئيسه ويخشى منه وقد يكون صديقه ويخاف علي صداقته أكثر من الحق ، وقد يكون قريبه ، ولا يريد أن يمس بسوء ، فتحرى الحقيقة ، ولا تنشر أخبارا كاذبة وثق أن كل هذه الأضواء زائلة يوما ، ولا يبقى إلا ثوابت الأفعال

***وتأمل رجلا ... كان ذا يوم في عداد المشهورين ، ومن رجالات الدولة ، ثم كبر الرجل وأحيل إلي المعاش فصار الحال غير الحال ، يمشى في الشارع فلا يقابل بمثل ما كان يقابل ، بل ان الناس لم تعد تعرفه ، أو أنها عرفته ونسته وكان الرجل يمتلأ حسرة علي نفسه بعد كل الجاه والسلطان ولم يعرف الوفاء معه إلا نفر قليل ظلوا معه علي العهد حتى مات وأصبح في خبر كان فيجب أن تعرف هذا وأن تسير عليه في حسن أدب وعفة قلم وإجعل هذا القلم سيفا مسلطا علي المنحرفين وعلي المفسدين ، والفاسدين وإجعله عودا من الريحان ، أو غصنا من الزيتون علي الشرفاء والبسطاء والمساكين

*******************************************

**فرد سميح قائلا سأكون عند حسن ظنك وما مشكلتي الأولى التي سببت لي هلوثات الفرخة والبيضة إلا بسبب ما توصيني به الآن وإني لقمين علي كل هذا وأهل له بإذن الله وأستأذنكم لسفري إلي أسوان غدا برفقة وفد اجنبي زائر فأذن له عرفان

**** وعاد إلي مجلسه فدخل عليه مظلوم وقال له ، الست فريدة وابنتها شوقية ، فقام عرفان وفتح الباب قليلا ،وقال لهما تفضلا بالدخول.... يا خبر تفضلا تفضلا.... فدخلا عليه ومعه رجل في متوسط العقد الثالث ، توسم فيه عرفان ، عبد الحليم عبد اللطيف ، وقال عرفان في سره مالي اليوم أراه يبدأ بالحزن علي ما حدث بالصحف والكاتب ، وما أراه من خير من عملي ، حيث معظم الحالات ، في طريقها السليم نحو العلاج ، والعودة إلي وضعها الطبيعي ، وتذكر في الحال قول الشيخ الزائر " لا تفرح لخير ، ولا تحزن لألم "

***قال عرفان للداخلين.... لهم تفضلوا بالجلوس فرد عليه عبد الحليم قائلا ، نشكرك علي ما صنعته ، لشوقية وهو جميل لن ننساه أبدا وقالت شوقية لقد كانت سحابه صيف وانقشعت ، ولكنها كانت فترة مليئة بالشكوك والحيرة والعذاب كانت المشاكل تتراكم ككرة الثلج تتضخم وتتدحرج ، فتتضخم أكثر وأضافت السيدة فريدة والآن انزاحت الغمة يا شوقية ، وانصهرت كرة الثلج وصارت ماءا فأخضرت السعادة ونمت في حياتنا وحل السعد والهناء مكان الألم والحزن والكآبة وقد جئنا إليك يا أستاذ عرفان شاكرين طالبين منك أن تحضر هذا الفرح فوعدهم عرفان إن لم يكن وراءه سفر أو مشاغل فسيكون أول الحاضرين وتمنى لهعم السعادة في حضوره أو في غيابه ، وانصرفوا من عنده ولسان حالهم يقول كم تغيرنا من الحزن إلى السعادة وملاءات الحب كم ترفرف بجناحيها ، مظللة علي الأحبة ، وكم يقوى الفرح من عزائم الناس فكأن ما كان لم يكن ، وكأن بحر الآلام ، قد تحول إلي بحر الشفاء ، يزيد من يشرب منه صحة وحيوية ويزيل من النفوس الشاربة مرارة الأيام وعلقم الماضي الأليم ويصحو من غفوته من شرب منه فإذا هو قد عاد إنسانا آخر كل الأبواب أمامه ، مترعة بالأماني بالعذاب ، فاتحة ذراعيها في كرم وفي أمان نحو بستان الراحة المرجوة.

*******************************************

*بعد أن خـرج الجميع ، قام عـرفان ، بطلب الأستاذ مدحت موسى بالقاهرة ، فرد عليه سكرتيره ، الأستاذ شريف عادل وأبلغه عرفان أن عرض الأستاذ مدحت قد صادفه القبول ، وأنه سيلتقي به ، في أبى حمص يوم الاثنين القادم وأوصاه أن تكون الأوراق قد أعدت لعقد الإيجار المرتقب فأفاده الأستاذ شريف ، أن كل شىء معه وأن الأستاذ مدحت سيكون موجودا هناك ، وانتهى الاتصال التليفوني ، ليطلب من عرفان أن يبلغ الشيخ عبد العليم بما تم الاتفاق عليه وأن يتفق مع الأسطى حاتم أن يوصلهم إلي أبي حمص علي أن يكون السفر ، فجر الاثنين وذهب مظلوم إلي ما كلف به وعاد عرفان إلي الداخل ن حيث عرج علي غرفة أولاده وقد انكب كل من جدير وغدير ، علي كتبهما ، وهم في مرحلة شهادة وهي شهادة الإعـدادية ، وأما ميرفت وناني بالصف الثاني والأول الإعـدادي أولاد روح الحياة. وكانت نجوى ونسيم بالصف الثاني الإعـدادي ، أما ندى ونرجس ونعيمة فكن بالقبول الابتدائي والصف الخامس الابتدائي والصف الرابع الابتدائي ، وهؤلاء من عفارم.

*** أخذ عرفان يناقش كل منهم في مواده الدراسية ثم هم بمغادرة الغرفة فسألته نرجس ، ولكن الأسماء كثيرة في كتاب التاريخ يا بابا فقال لها لأنه تاريخ يا ابنتي وتذكر مع مرور الزمن ، ما حدث مع أولاده من قبل وكله بسبب التاريخ ولكنه أضاف قائلا ، .....شوفي يا بنتي ، كل شىء في الحياة له اسمه ، الإنسان له اسم والحيوان له اسم ، والأماكن لها أسماء والأزمنة لها أسماء والشجر له أسماء ، والطير له أسماء والحشرات لها أسماء والنبات له أسماء والنجوم لها أسماء والبضائع لها أسماء والخضروات لها أسماء ، والصناعات لها أسماء والأنهار والبحار والمحيطات لها أسماء عندك مثلا نهر النيل والبحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر ، وهكذا كل شىء في هذه الحياة له أسماء علشان نعرف ... نميزها ونعرف نفرق بينها وبين غيرها ....وانتي وأخواتك ، كل واحد له اسم والذكر له اسم ، و الأنثى لها اسم علشان نفرق بين الولد و البنت ، في شهادات الميلاد و في المدرسة وفي الحياة وعلشان كده الأسماء مهمة والأسماء يا بنتي معناها الحياة لأننا بنعيش ونتكلم مع بعض وبنحكي مع بعض لو حكينا ، بدون أسماء يعني معنى كده نحكي بالإشارات وأحنا مش في مجتمع صم وبكم ، إحنا بنكلم بعض مفهوم يا نرجس فردت قائلة ، مفهوم يا بابا .

*** خرج عرفان من الحجرة ، وهو يتمنى لهم التفوق وانطلق إلي حجرة النساء ، فسلم عليهن ، وقال لهم كيف الأحوال فرددن روح الحياة وعفارم و فريال وسميرة و عال والحمد لله ، ثم ابتسم وهو يهمس ، لنفسه سبحان الله الشامي علي المغربي في حجرة واحدة!!

************************************

*****ذهب إلي حجرة الضيوف ، بينما النسوة من السيدات والخدم يسمعون صدى حركاته ، فيضحكون ضحكة مكتومة ، يبدوا أنه مازال يقظا حتى الآن وقالت عفارم ، فاكرة يا بت يا فريال يوم البطارخ ، فابتسمت روح الحياة قائلة والله دا كان يوم واستفسرت سميرة عن الحكاية ، فردت عفارم قائلة ابدا في يوم من الأيام أحضر كيلو من البطارخ الدمياطي ، الممتازة وقام بتقطيعه ، إلي قطـع صغيرة ، وأحضر أحد أبناء أخت روح الحياة وقال له قم بعد القطع وسلمها عهده لعفارم ، وخد بالك منها خوفا أن تسرقها منك وقام الولد المسكين بعدها معي ، وأنـا أخفى القطعة تحت القطعة وأقول واحد وهي اتنين وهكذا وبعد أن تم العد والإحصاء قمت بسحب القطع السفلى وبقى العد مضبوطا ، والولد المسكين أكل اللعبة أو خجل منى ولم يتكلم وجاء سبع الليالي في المساء ، وهو سكران طينة وأخذ معه باسم وقال له كم العدد ، فذكره فقال له ضحكوا عليك ضحكت عليك عفارم " بنت الهرمة " دا كيلو ، وأنا عارف تقطيعه يطلع كام ، ضحكوا عليك وعملي حسيب ولم ننته من هذه الواقعة ، إلا بفناجنين من القهوة المرة ، شربهما ثم ارتمى بلبسه الداخلي علي السجادة ثم تصاعد شخيره ، وفي الصباح كأن شيئا لم يكن ومن يومها ، وباسم لا يقبل أن يشرف علي العد والإحصاء والحسابات ، فضحكت سميرة وقالت ، ولماذا تفعلين هذا ، ما دام قد أحضره لكم جميعا ، فردت عفارم ، وقالت أنا بضحكك ، حتقطعيني ، أهو ده اللي حصل ، ويعيش وياخذ غيرها وانطلقت النسوة تثرثرت في مواضيع مختلفة ، ثم قمنا بتشغيل التليفزيون ، لمشاهدة برنامج ناجح إسمه أطفال الغد الذي تقدمه السيدة / منى شاهين بينما جلست روح الحياة ، وفريال تقص أظافرها ، وتقول لها قوللي يا ستي ، لماذا لا نتزاور ، مع عمتك ، وسلفتك ، فقالت والله ، مشاغل وهم كل يوم هنا ، والناس مشغولة لكن لزما تزوريهم يا ستي ، فردت عليها كل شىء بأدوانه ، فقالت عفارم كفاية بقى دوشة ، خلينا نتفرج علي الرسوم المتحركة ، فردت روح الحياة ....طيب وطي الصوت شوية لحسن العيال تسيب المذاكرة وتيجي تتفرج فقالت عفارم حاضر وبينما هم علي هذا الحال كما كل يوم في الصباح ، الراديو مفتوحا علي برامج الأسرة والتمثيليات ، في فترة ما بعد الظهر ، والتليفزيون في المساء ، وكان التليفزيون جديدا ، أحضره عرفان منذ مدة قليلة ومن يومها والجميع يجري نحوه ويجلسون أمامه كما التماثيل ، حتى ينتهي البرنامج اليومي ، وأما الجرنال ، فلم يكن له مكانه مع النساء ، سوى فريال أو سميرة ، يقرآن القليل منه لروح الحياة ، وأما عفارم ، رغم أنها تقرأ إلا أنها منذ جاءت إلي الريف لم تتابع الصحف ولكن الأولاد كانوا يقرأون الصحف ، والصغار منهم يستهجون الحروف والكلمات بمساعدة الكبار ، وكان الجميع في هذا المساء مشدودين ، أمام فلم الرسوم المتحركة الكاريكاتوري ، حتى نادى مظلوم علي فريال وقال لهما قومي حضري شاي وقهوة ، للضيوف ، كان مظلوم قد عاد من مشواره ، وعاد إلي سيده ، فوجده جالسا ، في حجرة الضيوف ، وقد أخذ الجمع ، يدخلون واحدا بعد الآخر حتى اكتمل جمعهم تماما وأعدت جلسة كل يوم. والجميع يتساؤلون عن أرض البحيرة ، فأخبرهم عرفان بكل شىء ، وقالوا إذن ستنتهي الليالي الحلوة ، كما انتهت من قبل ، أيام التفتيش ، فقال له عرفان باسما لا هذه غير تلك ، فالأخيرة ، سيذهب إليها الشيخ عبد العليم ومن أختارهم وسوف أتابعه بالزيارة كل مرة أما الذهاب لمدة طويلة ، فقد يأتي ولكن ليس من تلك الأرض وإنما من أرض أخرى ارض القاهرة فقال أحدهم إذن نقول أن ليالي القاهرة ستعود كما كانت زاهرة فقال يفعل المرأ منا ما يتمناه ولكن ليس كل التمني يأتي ، ولا كل فعـل يؤدي إلي تحقيق التمني ، وإنما هي مجرد افتراضات قد تتحقق أو لا تتحقق ، واستمرت الجلسة علي هذه الحالة حتى دخل إلي الحجرة ، رجل ملامحه ليست غريبة ، وقد أخفاها علي الجالسين ، للمفاجئة والتمتع بصدمة اللقاء ، فما خلع الشال الذي يلف به وجهه حتى هتف عرفان من ؟! حلمي !! وأخذه بالأحضان ، وسلامات وسؤال عن الزملاء القدامى ، وأين حسني بك الآن ، فذكر له أنه أحيل إلي المعاش ، وعين رئيسا لمؤسسة اللحوم والثروة الداجنة ، وأنت تعرف قرابته ايضا ، لأحد رجال العهد الجديد ، فقال عرفان ، ولكن لا تنكر أنه كفاءة فقال حلمي ، ولا أحـد ينكر ذلك وقد أقمنا حفلة كبيرة لتوديعه ، وأحلت بعده للمعاش ، وفتحت دكانا للبيع والشراء .

**** كـان الحديث قد أخذهما ، وهم واقفين والجميع في دهشة ، فيما عدا القليل الذي يعرف حلمي ، ثم جلسا وقام عرفان بالتعريف ، كان زميلا لي ، ولم يقصد أن يقلل من قيمته ، أنه كان فراشا للمكتب ، رغم أن العمل شرف لا يدانيه شرف ، أيا كان ولكن فعلا حلمي ، كان نديمه في العمل وفي غير العمل ، أثناء فترة التفتيش ثم أنه زوجه شربات....

وسأله عرفان عن شربات .... فقال له إنها بالداخل ، عند الست روح الحياة ، فإستـأذن عرفان في أن يسلم عليها ، وقال لحلمي انت بين أصدقائك وخلانك ورتب بيده علي كتفه في موده وحب قائلا ، البيت بيتك يا حلمي ، ودلف إلي الداخل صائحا أين أنت يا بنت يا شربات فقامت من علي الأرض ، وهي تبتسم في خجل ، فقال رغم السنين مازلت شربات ، فردت في حياء خلاص راحت علينا يا سعادة البيه ، فقال لا و الله مازلت حلوة رغم السنين والشهور والأيام فضحكت النسوة من حديثه وضحكت هي أيضا والشهور والأيام فضحكت النسوة من حديثه ، وضحكت هي أيضا وقالت الله يكرمك يا بيه زي ما عطفت علي بالكلمتين الحلوين دول ، فقال لها ، وإزي أولادك فردت بيبوسواا إيديك وإزي حلمي معاك ، عال يا سعادة البيه ، بس هو كل يوم يقعد يشرب الجوزة ، ويقول فين أيام عرفان بيه ويعيد.... الذكريات ، ويا خدني جنب الحديقة ونلف انا وهو حواليها وأوقات نخش ويقو ل فاكرة القاعـدة دي مع ستك ، روح الحياة ، وكل يوم علي كـده ، فرد عـرفان ، ربنا يوفقكم خدي راحتك يا شربات ، البيت بيتك خللي باللي منها يا روح الحياة و أنتي يا عفارم ، وأنت يا بت يا فريال ، وأنت يا سميرة ، ويستأذن عرفان و يعود إلي الصحبة وهو يرحب بحلمي وحلمى كعادته قد أخذ علي المجموعة وأخذ يحكي لهم كيف أصبح عرفان سبع الليالي وكيف كان يضحك معه ويقول له أمك اسمها حلمية أو يا بن الحلمية ويحكي حلمي كيف كان يسمع الحكاية من عرفان ويقول في جلسته ، أنها حكايته فيرد الناس عليه. هي ليالي عرفان ولا ليالي حلمي ، ولا ليالي أمك حلمية ، ويضحك الحميع ويزيد حلمي قائلا لهم ، لكنني لم أكن السارق الوحيد ، لحكايات عرفان التي لا تنتهي ، فأذكر أنه كان يجلس معي ، عوض الساندي ، وكان يريد أن يتعلم الحكى وفي الحكى ، فكان ينقل منى بالحرف ، ثم يحور في الموضوع ، ويقول لصحابته من تأليفي والحكاية أصلا منقولة عني ، منقولة عن عرفان ، وكان عوض الساندي ، يفتخر بأنه صار راويا للحكايات ، وكانت تعطيه الجلسة المريحة بين الناس ويستمعون إليه و هـو يحكي كأنهم يستمعون إلي تمثيلية في الراديو ، أو أنهم يشاهدونها في التليفزيون الذي أحضره عبد القادر عبد الجليل ، في القهوة ولما وجد أدم مظهر ، أن عوض الساندي لديه حكايات جميلة تخللي الناس تفرح أو تخليهم يبكوا ، أو الأتنين مع بعض ....وكان آدم بيشتغل في فرقة مسرحية في المحافظة ......ضحك علي عوض الساندي ونقل الحكايات كلها وأداه قرشين ، وقال لوفيه جديد .... هات ، واقبض ولما خلص عوض الساندي.... جالي وقبضت منه وكل واحد يشيل حته ويحط حته ويمط في حته ، وتوصل لآدم مظهر ، يبيعها للفرقة ويمثلها كمان ويقبض وسمعت أنه أيضا يعرف واحد في المجال ده كبير اسمه ملكية ... أحيانا بياخد منه ، والحكايات أصلها يا جماعة حكايات مين حكايات مين ، فيرد الحاضرون بين النوم وبين الصحيان من كثرة الشرب تبقى حكايات سبع الليالي فيرد حلمي ضاحكا ، لأ حكايات عرفان فيقول عرفان ومازل الجراب ممتلأا بكل جديد ومفيد ومبكي ومفرح ومسلى فيقول حلمي علي به فيقول عرفان ليس أوانه .

***كان جالسا مرجان وشعبان ، وقد سمعا كل هذا ، فقالا في نفس واحد طيب يا أخويا ، ما احنا عندنا حكايات كبيرة قوى ، فيتعجب حلمي فيقولان له ، إسأل عرفان بيه ، فيقول عرفان أيوه يا حلمي لديهما حكايات لم ترد علي خيال أحـد ، ويهمس له في أذنه ( فشاران ) فيضحك حلمي ويقول لهما ، لم أر في حياتي ، حكايات أكثر مما قرأته ، في كتاب ( مغامرات محجوب ) ، فيسألان حكايات مبين ؟! فيرد حلمي حكايات محجوب فيها من الخيال الكثير فيسألان وأين نجده فيرد حلمي والله هذا الكتاب ينقل باليد فليس له وجود غير طبعة قديمة مكتوبة بخط اليد ، كان قد أحضرها لي ، ابن أختى ونسي من مكتبة المعارف القديمة ، ونسختها فسألاه ؟ وأين تلك النسخة ؟!

**** فيرد حلمي ، وقد لعب بهما ما لعب سوف أبحث عنها لعلها هنا أو هناك أو يمكن ونيس خدها تاني .....علي كل يمكن ألاقيها وأجيبها لكم فرد عليه في نفس واحد باين عليك مكاع!! ،

****..... ضحك حلمي وضحك عرفان وضحك الجميع ولم يكن حلمي يكذب أو يفشر وإنما قرأ هذه الحكايات( مغامرات محجوب) ولكنه أعطاها لونيس بعد نسخها وونيس ردها لمكتبة المعارف القديمة ، وقد كان علي علاقة بصاحبها ومن يومها لم يطلع عليها ، والنسخة التي لديه قد فقدت ضمن ما فقد ، والحقيقة أن شربات كانت تولع وابور الجاز ، ورقة منها أو ورقة!!! حتى خلصت النسخة وكان عرفان يتابع الحوار بين مرجان وشعبان وبين حلمي وهو يقول لهما عن حلمي لا تقللان من قيمته ، لقد كان حلمي في شبابه لاعب كرة وهو يحلم حتى الآن في منامه ، أنه يلعب ولا يستيقظ إلا إذا كسر في المباراة !!

****ثم أنه لعب دور محجوب وهو دور البطولة في مسرحية شجرة الدر مع فرقة التفتيش ، ثم أنه أيضا مثل أمام دراكولا مصاص الدماء ، بتاع السينما ، مع نفس الفرقة فنظر الجميع إلي حلمي ، ونظر المضحكان مرجان وشعبان الى حلمي على انه أكلا منهما الجو ، فقال مرجان وإيه يعني أنا كنت مرة في مصر ومثلت دور البطولة ، أمام صباح فضحك الجميع وقالوا له وأخذت كام ، فرد مرجان ولا مليم ، أصل أنا مثلت الدور بعد أن قام يوسف وهبي بالتحايل علي من أجل هذا الدور ، فيرد الجميع يا سلام !! وتحفز شعبان وإيه يعني ما أنا برضك مثلت في فيلم عربي قدام شادية ، وعلشان خاطر الأستاذ فريد الأطرش!!! وفيه فيلم أجنبي أيضا مع أنتوني كوين !!! ولولا خاطر المنتج والت ديزني ، ماكنتش رضيت أمثل ، ويرد الجميع يا سلاميين !!

***....قال الشيخ عبد العليم ، إلي أين ذهبتما انت يامرجان وانت ياشعبان إنكما لم تغادرا هذه البلدة ، منذ ولدتما ، فكيف ذهبتما إذن إلي هذه الأفلام ؟ !!! ورد الجميع أي والله كيف ذهبتما ؟! فردا معا جرى إيه يا شيخ عبد العليم ؟! ما أنت عارف اللي حطنا في الأفلام ديه ، مكع حلمي !! قلنا ها يكشفنا فألفنا الحكاية ، زي ما هو بيألف ، يبقى في بيتنا ويأكل منا القعدة ... يصح يا جماعة ؟! فترد الجماعة في نفس واحد عداكم العيب يارجالة وضحك عرفان وقال لهم جميعا وهل يحلـو السهر بدونكم جميعا مرجان وشعبان بخفة دمهما وارتفاع مستوى قرعهما ، وحلمي ضيف عزيز وأنتم رفقة قديمة ، تزاملنا وجلسنا في هذه الحجرة أو في مضيفة الشيخ محمد ، أكثر من أي مكان آخر ، فجمعتنا الألفة والمحبة والضحكة و البسمة ، وكل علي راحته ، وليخلع كل منكم ثوب الألم ، ويلبس ثوب الفرح حينما نجلس جلستنا فابتسم الجميع راضين مستقري النفوس وقد كانت مثل هذه الجلسات تترك كل إنسان علي سجيته ، حتى يريح جسده ونفسه وكيانه مما علق بهم طول اليوم ، لذا فأي معارضة ، لم يقوله كل واحد تؤدي إلي الشحناء وإلي البغضاء ، و يقول من يقف له .. وقفة شديدة ماذا جرى أيها الأخ ستقف لي علي كل واحدة ، خذها كما تعجبك ، أو إرميها خلف ظهرك ، وهكذا جرت ليالي الأنس والمؤانسة ، في ود بالغ ولم تخلو من جد ، حينما يجد الجد ، أو قد تعن مشكلة ، فيتلقفها الجميع كل برأيه لما فيه ما صواب ، حتى يوجد الحل الناجح فينصحون به صاحب المشكلة وتنتهي ليعودوا مرة أخرى إلي مزاحهم ونكاتهم وشربهم وطعامهم كما كان هذا اليوم ، فلما غابت العقول وقطع الليل ، مسافة طويلة قام كل منهم منصرفا مودعا عرفان ، ومودعا حلمي ، حتى اقتصر المكان علي عرفان وحلمي ، فترك له الحجرة وأعد له مظلوم مكانا للنوم ولحقته شربات ، بعد أن شددت عليها روح الحياة أن تنام في حجرتها إلا أن عرفان قال بل مع زوجها ، فالمكان واسع وليس هنا ضيوفا اليوم فأطاع الجميع ،

*******************************************

****نادى عرفان علي عفارم ودخلا إلي حجرته ، وقفل الباب ، ومازالت روح الحياة وفريال وسميرة يجلسن بالحجرة ، وسيدتهما تحكي لهما عن " عطايا " والدها الكبير ، الشيخ محمد إبان حياته وأن عرفان قد كلت قدماه من الذهاب و الإياب حتى وافق الشيخ محمد علي طلبه بالزواج وفهمت الفتاتان أنها تبرر لهما ، لماذا أخـذ عفارم ، وتركها في هذه الليلة وأضافت روح الحياة في حياتها هذه السيدة ، لم تكن من ثوبه ، ولكنه وجدها ذات مرة ، وأتى بها إلي المنزل وقد كان أصبحت زوجته ، كانت هذه دائما رواية روح الحياة لفريال و لسميرة كلما كانت الليلة ليلة عفارم سمعاها ألف مرة ، ولكنهما توافقانها ، في كل كلمة حتى تخلد إلي النوم وكانت سميرة تتجرأ وتقول لها ، ولكن الجدول ، الليلة لها فترد روح الحياة وهي تضربها ، ضربا لينا قومي يا بت ، ها تلى ما يه أشرب هو يعني كان دائما ممشى الجدول بالضبط !!

********************************************

*** فتضحك فريال وتجري سميرة ، من أجل المياه ، وقد كتمت ضحكتها ، واستمر الحال حتى أتى النوم وعلا شخير الجميع ، ونامت القطط بعض الوقت ، ولعبت طول الوقت إلا بعضه ، حتى الصباح!!!!!.

*************************************************

***يتبع الحلقة الرابعة عشر

*************************


*********************************************

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وقعت أسير هواك...بقلم الشاعر أبو بكر المحجوب

سنين عمري ....بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

عسعسة العيش....بقلم الشاعر راتب كوبايا

قلبي ينبض بحبك...بقلم الشاعر أبوبكر المحجوب

منها نستفيد...بقلم الشاعر علي مسلم عجمي

الخمار الأسود.. بقلم الشاعر/منصور عمر اللوح

اِغضب...بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

لست وحدي ...بقلم الشاعر رضا الشايب

تبرية من شيم العفاف تنجلي....بقلم الشاعر معمر محمد بدوي

مهرك غني....بقلم الشاعر بدر الدين ود الفاشر