الصبر.. بقلم الكاتب/أ. إسماعيل مفتاح الشريف

 


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/

.. الصبر من أفضل الصفات التي حضّ عليها الإسلام في القرآن والسنة النّبوية الشريفة لما يحتاج من مجاهدة للنفس البشرية فالصبر من الأعمال التي لم يحدّد لها أجر معيّن وذلك لقوله تعالي : (إِنَّمَا يُوَفَّي الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ).

.. لقد ذكر الله الصبر في تسعين موضعا من كتابه آمِرا به مرغِّبا فيه مبينا عظمَ الأجر المترتبِ علي هذا الخلق العظيم فمنزلته من الدين بمنزلة الرأس من الجسد فلا إيمان لمن لا صبر له ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحدٌ عطاء خيرًا وأوسع من الصبر وبه يظهر الفرق بين ذوي العزائم والهمم وبين ذوي الجبن والضعف والخور وأيضا إن الصبر من مقام الأنبياء والمرسلين وحلية الأصفياء المتقين حيث قال تعالي في كتابه العزيز : {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا} وقال عن أهل الجنة: {وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ* سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَي الدَّارِ}.

.. إن الله سبحانه وتعالي قد أقسم علي أن يبتلينا  ببعض المصائب لا كُلِّها فقال سبحانه :  { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ } ووعَدَ بعدَ إقسامِه بذلك مَن صبَرَ علي ما ابتُلِيَ بِه واحتسَب أجْرَ مُصابِه فقال ــ جلَّ وعلا ــ: { وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } وبيَّنَ رسولُه صلي الله عليه وسلم إلي الناس كبيرَ أجْرِ الصَّبرِ علي البلاء رِضًا بقضاء الله وقدَره واحتسابًا لأجْره فذكر في حديثه الشريف حيث قال : (( مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ وَصَبٍ، وَلا نَصَبٍ، وَلا سَقَمٍ، وَلا حَزَنٍ، حَتَّي الْهَمِّ يُهَمُّهُ، إِلا كُفِّرَ بِهِ مِنْ سَيِّئَاتِهِ )) وصحَّ عنه صلي الله عليه وسلم أيضًا أنَّه قال: (( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًي مِنْ مَرَضٍ، فَمَا سِوَاهُ، إِلَّا حَطَّ اللهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ، كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا )) وثبت عنه صلي الله عليه وسلم أيضًا أنَّه قال: (( لَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ أَوْ الْمُؤْمِنَةِ فِي جَسَدِهِ، وَفِي مَالِهِ، وَفِي وَلَدِهِ، حَتَّي يَلْقَي اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ خَطِيئَةٍ )).

.. إذا علِمَ العبدُ المؤمنُ أنَّ ما يُصيبَه مِن البلاء سيُكفَّرُّ بِه مِن سيئاته كثيرًا وتزدادُ بِه حسناتُه شديدًا فرِحَ واستبشَر واطمأنَّ قلبُه وارتاحتْ نفسُه ودخلَه الأنس وزالَ هَمُّ قلبِه أو خَفَّ بل قد يَتلذَّذُ بِمُصابِه ويَجِدُ حلاوةً في بلائه لِزيادةِ قُرْبِه حِينها مِن ربِّه وشديدِ لُجوئِه إليه وعَظيمِ دعائه ومُناجاته له وكثيرِ استغفارِه وتوبته وإنابتِه وخشيتِه وتضَرُّعه.

.. إن الله سبحانه وتعالي أمر نبيه صلي الله عليه وسلم بالصبر حيث قال تعالي في كتابه العزيز : {فاصبر إن وعد الله حق} وقال: {فاصبر علي ما يقولون} وأمر به لقمان ابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَي مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} وأمر به الله عباده:

فقال : {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلا عَلَي الْخَاشِعِينَ}. وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}.

.. أسأل الله تعالى أن يغلبنا علي شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ويعيننا علي ما فيه خير للجميع مع تحياتي وفائق إحترامي. 

الأستاذ : إسماعيل مفتاح الشريف .

البلد : ليبيا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وقعت أسير هواك...بقلم الشاعر أبو بكر المحجوب

سنين عمري ....بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

عسعسة العيش....بقلم الشاعر راتب كوبايا

قلبي ينبض بحبك...بقلم الشاعر أبوبكر المحجوب

الخمار الأسود.. بقلم الشاعر/منصور عمر اللوح

اِغضب...بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

لست وحدي ...بقلم الشاعر رضا الشايب

منها نستفيد...بقلم الشاعر علي مسلم عجمي

تبرية من شيم العفاف تنجلي....بقلم الشاعر معمر محمد بدوي

مهرك غني....بقلم الشاعر بدر الدين ود الفاشر