خيوط العنكبوت....بقلم الأديب عبد النبي عياد


 خيوط العنكبوت 

تصدع زجاج النافذة مع سنوات العمر الممتدة؛ أصبح باهتا كلون الغبار الذى أصبح يكسوا كل شىء؛ أصبح الضوء لا يصل إلى الغرفة المظلمة؛ حتى المرآه أصبحت كلوح ثلج لا تعكس صور الأشياء؛ لقد اختفت ألوان الحوائط مع سنوات العمر السبعين . 

عشرون عاماً وأنا أنتظر عودتها لكن يبدوا أن كل شيئاً أصبح مستحيلاً همهمات داكنة تسكن صدر العجوز وزرقة عيناه تنبىء بتجمد قطرات الدموع بداخلها. الدولاب القديم هلهلته طول تلك السنوات فلم يعد متماسكاً كأشلائى المفككة داخل جسدى؛ ليس بداخله سوى أشيائها التى رتبتها قبل الرحيل أما أشيائى فما زالت مبعثرة. 

ياه ما هذه الوحدة القاسية التى هشمت عظامى فقدماى الحافيتان لم تعد تترك أثرا فوق الرمال الناعمة على حافة البحر. 

الرياح الآتية تجبره على الجلوس على حافة البحر لأنه أصبح لا يقوى على مواجهتها الأمواج المتلاحقة تغسل وجهه المجعد كخيوط العنكبوت؛ إنه يتأملها تجلس بجانبه على الشاطىء فيضحك ضحكة متحشرجة وكأن الزمن قد مزقها بداخله وهو ينظر إليها قائلا. 

ها أنتى قد أتيتى ياحبيبتى. 

نعم.

أين كنتى؟ فمنذ عشرون عاما وأنا أنتظرك كى ترتبى لى أشيائى المبعثرة .

يا حبيبى فأنا دائماً معك فى كل مكان؛ أرقد بجانبك؛ ألم ترانى؟ ألم تشعر بوجودى معك؟

كيف لا أشعر بكى وأنتى تسكنين بداخلى . ولكن أشيائى المهملة متناثرة فى كل مكان حتى جسدى أصبح أشلاء مبعثرة. 

هيا. هيا بنا نعود إلى المنزل؛ لقد أصبحت لا تقوى على تحمل هذه الرياح.

إننى أكره تلك العاصفة الهوجاء إنها تكسر كل الأشياء وتلملمها خلفها ثم تلقى بها فى مهب الريح فلا تبقى منها سوى بقايا ذكريات. 

ها هي أشيائى لازالت مبعثرة. وخيوط العنكبوت قد نسجت على أشيائها. سوف أنفضها لعلى أحاول ترتيبها كما كانت تفعل؛ 

لقد أصبحت مهلهلة أكلتها سنوات الماضى البعيد أصبحت خيوطاً متناثرة لم يتبقى منها سوى ذاك القميص ذات اللون الوردى رغم أن لونه يكاد أن يذهب مثل كل شىء إلا أننى مازلت أشم رائحتها بداخله كنت أرى فيه ما تبقى من جسدها دون غطاء. 

خيوط العنكبوت تتساقط فوق رأسه وهو ينظر إلى سقف الحجرة التى تناثرت منه بعض أجزائه؛ حتى المصباح أصبح الغبار يكسو زجاجه فأحجب الضوء داخل أركان الغرفة فأصبحت لا ار كل الأشياء المبعثرة ...تمت

بقلمي.عبدالنبى عياد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيف ودرع...بقلم الشاعر أكرم كبشة

كادوا للأمة الإسلامية...بقلم الشاعرة تغريد طالب الأشبال

وداعا يا حبيبي....بقلم الشاعر محمد السيد يقطين

احيانا،ودي ما تغيب الذكريات....بقلم الشاعر رضوان منصور

حوار شعري بين حبيبين.. بقلم الشاعر/م.صبري مسعود.

في هذه الحديقة....بقلم الشاعر نورالدين جقار

نثريات.. بقلم الكاتب/محمد حسن البلخي

تحت وطأة الدجى....بقلم الشاعر توفيق عبد الله حسانين

تهمة في مسالك التحقيق...بقلم الشاعرة مريم بوجعدة

يمضي الليل...بقلم الشاعر أبو روان حبش