حورية البحر بيروت....بقلم الشاعر والقاص خليل حمادة
(حوريّةُ البحر بيروت)
أحـبُّ بيـروت كـما دمـشق
حبٌّ تسامى و وصل العشق
أحبّها كـما لو أنّي أعرفها
من قبل خـمسة آلاف سنة!
مُذ وُلِـدَت ولباسـها الحـرير
مَـغــروسٌ بـرأســهـا تــاجٌ
مـن زمرّدٍ ولـؤلـؤ، وحاشيةٌ
من حولها وغلمانٌ يطوفون
جواري وخدم، وحرّاسُ ليلها
عَسس ، وكُـرسـيّ عرشـها
الـسّبْـط مُـغـشّى بالـفـضّـة
مطعّـمٌ بالياقـوت ينـتـظـر
أن تـعـتـلـيــه لأوّل مــرّة
في فمـهـا ملـعـقةٌ مـن ذهـبٍ
و ريـقـهـا الـتّـبـر ...
أحببتها : عند نشأتها الكنعانيّة
أحببتها : وهي فتيّةً فينيقيّة
أحببتها : وهي عربيّةً عصريّة
رقيقةٌ كنظرة الحبِّ الأولى
و روحها الحلوة كعذاب حُبٍّ
لم يُكلل بالزواج وبقيت ذكراه
شهداً ... أنيقّة كقوس قُزح
وطبع بنيّها المرح في صدورهم
مناجمٌ من ذَوقٍ وكلّهم لطف ...
تُشبه بيروت زنوبيا في تناقضها
ففي خدرها كتفّاحةٍ شهيّة
فاتنةٌ وذكيّة، وفي ساح الوغى
مِـقـدامـةٌ لاتـهابُ الـمـنـايـا !
عندما شمَّر الموت عن زنده
وأراد الفتك بها وطمس ذكرها
ذات قرنين قبل الميلاد بأربعة
عقود، أتذكّرها كأوّل البارحة
عند الموتـةِ الأولى قبل سابع
زلزال عندما التهم أحجارها
وأغـرق صنـوبـرها و أرزهـا
نبـتـت مـن بـيــن الـرُكــام
كزهرة تـوليبٍ بخمّـسةِ ألوان
وخرجـت كـحـوريّـةِ بـحـرٍ
أبّـهـى وأسـحــر، وأشــرقـت
بـضحكـتـها عـنـد المـغـيــب
تجـدّلُ ضفائـر شعرهـا الأشـقـر
عـنـد الشـاطئ، وكأنثى الفينيق
تجددّ ذاتـهـا بذاتـهـا ، عصيّةً
على اليأس لاتعـرفُ الخـيـبـة ...
بيـروت الـقـدّيسـة مـريـم
والثّكْلى فاطمة،الحواريّةُ العذراء
وأمّ الحسـنـيـن الهـاشـمـيّـة :
- على تخوم الموت تعاني نكبةً
أخرى، وصدرها المكشوف مرمىً
لسهام العابثين، لا تهملوها وتتركوها
تأنُّ وحيدة فـتحـلُّ عليكـم لعـنـتـها .
#خليل_حمادة_بيروت
تعليقات
إرسال تعليق