نشيد الوجدان...بقلم الشاعر ساهر الأعظمي
نشيد الوجدان………… بقلم.. د..ساهر الاعظمي
:
نشيد الوجدان في معبد الهوى
أيا صاحبي، أُنصت لقوليَ مُصغِيًا، ففي القلبِ نارٌ ذاتُ وَهْجٍ تَضَرَّمُ
تَجُوبُ الفؤادَ المستهامَ بِسَطْوَةٍ، وتَسْبي اللُّبَّ حتى يَكادُ يُسَلَّمُ
هُوَ السِّحْرُ حَلَّ في الدُّنَى بِبَيَانِهِ، فَأَغْرَقَني بَحْرٌ مِنَ الشَّوْقِ مُعْلَمُ
تَراهُ ضِياءً في الدُّجَى لِتَائهٍ، ويُصْبِحُ في الرَّوْضِ الأَنِيقِ تَبَسُّمُ
يُحِيلُ الثَّرى دُرًّا، والرَّمْلَ عَسْجَدًا، ويَجْعَلُ لَيْلَ اليَائِسِينَ تَنَعُّمُ
إذا مَسَّ قَلْبًا، أَذْهَبَ الهَمَّ وَالضَّنَى، وأَلْبَسَهُ ثَوْبَ السُّرُورِ المُرَقَّمُ
يُعَلِّمُ حَتَّى الأَبْكَمَ النُّطْقَ عَنْ جَوىً، ويَجْعَلُ لِلْأَعْمَى بَصِيرَةً تُفْهِمُ
يُرَقِّقُ قَلْبَ القَاسِيَاتِ صَخُورُهُ، ويَجْعَلُ دَمْعَ المُشْتَاقِ سَحًّا مُنَظَّمُ
يُذِيبُ جَلِيدَ البُعْدِ بِحَرِّ لَظَاهُ، ويَشْرَحُ صَدْرَ الْمُغْتَرِبِ الْمُتَوَهِّمُ
تَرى العَاشِقَ الْمِسْكِينَ طَائِرًا مُحَلِّقًا، يَسِيرُ بِلا رِجْلٍ، وَيَهْفُو وَيَحْلُمُ
يُنَاجِي النُّجُومَ السَّاهِرَاتِ بِشَكْوَهُ، وَيَرْسُمُ لِلْأَقْمَارِ وَجْدًا مُتَرْجَمُ
يُحَدِّثُ عَنْ سِرِّ الْهَوَى كُلَّ ذَرَّةٍ، وَيَسْأَلُ عَنْهُ الرِّيحَ أَيْنَ تَيَمَّمُ
يَظُنُّ بِأَنَّ الْعَالَمِينَ تَوَاطَأُوا، عَلَى كِتْمِ سِرٍّ فِي فُؤَادِهِ مُضْمَرُ
وَيَحْسَبُ أَنَّ الطَّيْرَ يَشْدُو بِاسْمِ مَنْ، هَوَاهُ بِأَعْمَاقِ الْحَشَاشَةِ مُحْكَمُ
فَيَا لِلْهَوَى مَا أَعْظَمَ السُلْطَانَ لَهُ، عَلَى قَلْبِ مَنْ قَدْ ذَاقَ مِنْهُ وَتَعَلَّمُ
يُغَيِّرُ طَعْمَ الْعَيْشِ بَعْدَ حَلاَوَةٍ، وَيَجْعَلُ كَأْسَ الْمَاءِ مُرًّا وَعَلْقَمُ
وَيُسْهِرُ عَيْنَ الْمُسْتَهَامِ بِذِكْرِهِ، وَيُضْنِي جَوَارِحَهُ فَيَغْدُو مُسَقَّمُ
وَيَا لَيْتَهُ يَدْرِي بِحَالِ مُحِبِّهِ، إِذَا غَابَ عَنْهُ لَحْظَةً أَوْ تَوَهَّمُ
تَظَلُّ خُيُولُ الْفِكْرِ تَجْرِي سَرِيعَةً، وَيَبْقَى الْفُؤَادُ الْمُعَنَّى مُسَلَّمُ
لِوَجْدٍ يَهُزُّ الْعَظْمَ بَعْدَ سُكُونِهِ، وَيُشْعِلُ نَارًا لَيْسَ يَنْفَعُهَا الْمَاءُ
فَهَذَا قَلِيلٌ مِنْ كَثِيرِ صِبَابَتِي، وَبَعْضُ الَّذِي فِي النَّفْسِ يَغْلِي وَيُضْرَمُ
فَلَوْ كَانَ لِلْحُبِّ الْمُجَسَّمُ صُورَةٌ، لَرَأَيْتَ جَمَالًا لَيْسَ يُوصَفُ بِالْفَم
..د..ساهر الاعظمي
تعليقات
إرسال تعليق