السلام.. بقلم الكاتب/إسماعيل مفتاح الشريف

 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته/

( السلام ).

.. حاجةُ الإنسانيَّةِ إلي السلام غرِيزةٌ فِطريَّة وضرورةٌ بشريَّة ومصلَحةٌ شرعيَّة إذ لا بِناءَ ولا إعمار ولا رُقِيَّ ولا ازدِهار ولا تنمِيةَ ولا ابتِكارَ إلا به وبضِدِّه الدَّمارُ .

.. لقد كان العالَمُ قبل الإسلام تحكُمُه العصبيَّةُ القَبَليَّة يُشعِلُون الحُروبَ لقُرونٍ طويلةٍ مِن أجلِ سَبقٍ أو نَيل ثَأرٍ ويُهدِرُون في ذلك الدِّماءَ ويُقيمُون العدَاوات .

.. جاء الإسلام وعُنِيَ عنايةً فائِقةً بالدعوةِ إلي السلام ونَبذِ الحُروبِ والنِّزاعات والقَتلِ والصِّراعات ورتَّبَ علي ذلك عظيمَ الأجر والجزاء.

.. إن في الإسلام تدريبًا عمليًّا للمسلم علي المبادئ الإنسانية العليا التي جاء بها فقد أراد ألا تكون مبادئه وقيمه الإجتماعية مجرد شعارات أو نداءات بل جعلها من صلب العقيدة الإسلامية فمن مبادئه الأساسية السلام ولم يكن مجرد شعار أن الإسلام دين السلام ولكنه عقيدة وسلوك وعبادة نتعبد بها لله تعالي .

.. إن الإسلام بمدلول معناه السلام مشتقٌّ من صفة الله وإسمه الكريم السلام بصريح القرآن (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ) ومنه قوله -تعالي -: (وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَي الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا).

.. أيضأ فالسلام مشتَقٌّ من الإسلام فإسم الإسلام نفسه مشتقٌّ من صميم هذه المادة مادة السلام. والمؤمنون بهذا الدين لم يجدوا لأنفسهم اسمًا أفضل من أن يكونوا المسلمين كما جاء ذلك في قوله تعالي : (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَي النَّاس).

 .. إن حقيقة هذا الدين ولُبُّه الإسلامُ لرب العالمين حيث قال تعالي : (بَلَي مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) وقال تعالي : (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَي النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَي صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).

.. إن ديننا الإسلامي هو دين التسامح والمحبة والسلام فالسلام مبدأ من المبادئ التي عمق الإسلام جذورها في نفوس المسلمين وأصبحت جزءاً من كيانهم وهو غاية الإسلام في الأرض فالإسلام والسلام يجتمعان في توفير السكينة والطمأنينة ولا غرابة في أن كلمة الإسلام تجمع نفس حروف السلم والسلام وذلك يعكس تناسب المبدأ والمنهج والحكم والموضوع وقد جعل الله السلام تحية المسلم بحيث لا ينبغي أن يتكلم الإنسان المسلم مع آخر قبل أن يبدأ بكلمة السلام  حيث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلي الله عليه وسلم- « السَّلاَمُ قَبْلَ الْكَلاَمِ ».

.. حقيقة إن للإسلام أثراً في تحقيق السلام العالمي و يتجلي في تعزيز التعايش السلمي وإشاعة التراحم بين الناس ونبذ العنف والتطرف بكل صوره ومظاهره وكذلك في نشر ثقافة الحوار الهادف بين أتباع الأديان والثقافات لمواجهة المشكلات وتحقيق السلام بين مكونات المجتمعات الإنسانية وتعزيز جهود المؤسسات الدينية والثقافية في ذلك.

.. إن للسلام العالمي شأن عظيم في الإسلام فما كان أمراً شخصياً ولا هدفاً قومياً أو وطنياً بل كان عالمياً وشمولياً فالسلام هو الأصل الذي يجب أن يسود العلاقات بين الناس جميعاً فالمولي عز وجل عندما خلق البشر لم يخلقهم ليتعادوا أو يتناحروا ويستعبد بعضهم بعضاً وإنما خلقهم ليتعارفوا ويتآلفوا ويعين بعضهم بعضاً فالإسلام يدعو إلي استقرار المسلمين واستقرار غيرهم ممن يعيشون علي هذه الأرض ويكشف لنا التاريخ أن جميع الحضارات كانت تواقة من أجل تحقيق السلام العالمي.

.. السلام ضرورة حضارية طرحها الإسلام منذ قرون عديدة من الزمن باعتباره ضرورة لكل مناحي الحياة البشرية ابتداءً من الفرد وانتهاءً بالعالم أجمع فبه يتأسس ويتطور المجتمع.

.. إن مبدأُ السلام لا يقوم إلاَّ علي المساواة في الحقوق  ولو اختلف الناس في العقيدة فالحياةُ الآمنةُ الحُرَّةُ العادلةُ حقُ الإنسانِ ولا يَتَحَقَّقُ له العيشُ بأمنٍ وسلامٍ إلاَّ إذا أمن علي ما يعتقد بحرية كاملة دون إكراه أحدٍ علي ما يريد فكانت كفالة الإسلام لحرية العقيدة لجميع الناس أثبت ذلك القرآن الكريم قبل خمسة عشر قرناً في قوله تبارك وتعالي : { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } وذلك لأن الدين فيه عقيدة وهذه العقيدة  لا تتحقق إلا بالقناعة والإطمئنان النفسي لمن يعتقد ويؤمن ولا تتحقق حرية المعتقد للفرد والجماعة إلا أن تكون بمحض الإختيار والقناعة الذاتية حتي يظهر من خلالها عدل الله يوم الحساب  فيثيبُ اللهُ المصيبَ صحيحَ الإيمانِ بالجنةِ ويعاقبُ الشَّاذَّ الكافرَ بالنارِ يومَ القيامةِ ولا يظلمُ ربُّكَ أحَدَاً.

وأما في هذه الدنيا فلكل وجهة هو موليها قال تعالي : { وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ } وله عقيدة سوف يحاسب عنها وليس لنا إلا البلاغ والنصح المبين الواضح قال تعالي : { فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} وقال الله تعالي يأمر رسوله بأن يقول للكافرين صراحة : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) .

الأستاذ : إسماعيل مفتاح الشريف. 

البلد : ليبيا. 

الصفة : كاتب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وقعت أسير هواك...بقلم الشاعر أبو بكر المحجوب

سنين عمري ....بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

عسعسة العيش....بقلم الشاعر راتب كوبايا

قلبي ينبض بحبك...بقلم الشاعر أبوبكر المحجوب

الخمار الأسود.. بقلم الشاعر/منصور عمر اللوح

اِغضب...بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

لست وحدي ...بقلم الشاعر رضا الشايب

منها نستفيد...بقلم الشاعر علي مسلم عجمي

تبرية من شيم العفاف تنجلي....بقلم الشاعر معمر محمد بدوي

مهرك غني....بقلم الشاعر بدر الدين ود الفاشر