الخيرة فيما اختاره الله.. بقلم الكاتب/إسماعيل مفتاح الشريف

*السلام عليكم ورحمة الله وبركاته / 
*(( الخيرة فيما اختاره الله ))*
.. ما من أمرٍ من الأمور في هذا الكون إلا بقدرةِ وحكمةِ وتقديرِ بليغ من الله سبحانه وتعالي فإذا كان فوات المطلوب فلا يجب أن  نيأس ولا نحزن ولا نسخط وإذا كان تحقيق المراد وانفتاح الدنيا وإغداق النِّعم لا ينبغي علينا أن نفرح الفرح المؤدي إلي نسيان الله والبطر والغرور..
.. أحيانا يصيبنا بعضاً من اليأس الكثير  لأننا لم نوفق في بعض المواقف غير ملتفتين إلي أن الأشياء التي أصابنا الحزن والكدر عليها ولم يتم التوفيق والنجاح فيها هي إرادة الله سبحانه و تعالي وهي من قبل علم الله سبحانه وتعالي بأن الخيرفي غيرها.  
.. أيضاً قَدْ يَقَعُ للإنسان شَيءٌ مِنْ الْأَقْدَارِ الْمُؤْلِمَةِ وَالْمَصَائِبِ الْمُوجِعَةِ الَّتِي تَكْرَهُهَا نَفْسُهُ فَرُبَّما جَزِعَ أَوْ أَصَابَهُ الْحُزْنُ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ الْمَقْدُورَ هُوَ الضَّرْبَةُ الْقَاضِيَةُ وَالْفَاجِعَةُ الْمُهْلِكَةُ لِآمَالِهِ وَحَيَاتِهِ فَإِذَا بِذَلِكَ الْمَقْدُورِ مِنْحَةٌ فِي ثَوْبِ مِحْنَةٍ وَعَطِيَّةٌ فِي رِدَاءِ بَلِيَّةٍ وَفَوَائِدٌ لِأَقْوَامٍ ظَنُّوهَا مَصَائِبَ وَكَمْ أَتَي نَفْعُ الْإِنْسَانِ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ .
.. هذا الخير المجمل فسره قوله تعالي في كتابه العزيز حيث قال تبارك وتعالي : { فَعَسَي أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} 
تبين لنا أن إعمال هذه القاعدة القرآنية: {وَعَسَي أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَي أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} من أعظم ما يملأ القلب طمأنينة وراحةً ومن أهم أسباب دفع القلق الذي عصف بحياة كثير من الناس بسبب موقف من المواقف أو بسبب قدر من الأقدار المؤلمة جري عليهم في يوم من الأيام.
.. لو قلبنا قصص القرآن وصفحات التاريخ أو نظرنا في الواقع لوجدنا من ذلك عبراً وشواهدَ كثيرة لعلنا نذكّر ببعض منها عسي أن يكون في ذلك سلوةً لكل محزون وعزاء لكل مهموم :
.. نذكر قصة إلقاء أم موسي لولده في البحر:
فأنت - إذا تأملتَ - وجدتَ أنه لا أكره لأم موسي من وقوع ابنها بيد آل فرعون ومع ذلك ظهرت عواقبه الحميدة وآثاره الطيبة في مستقبل الأيام وصدق ربنا: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
.. كذلك نتأمل في قصة يوسف عليه الصلاة والسلام نجد أن هذه الآية منطبقة تمام الإنطباق علي ما جري ليوسف وأبيه يعقوب عليهما الصلاة والسلام.
وليت من حرم نعمة الولد أن يتأمل هذه الآية لا ليذهب حزنه فحسب بل ليطمئن قلبه وينشرح صدره ويرتاح خاطره وليته ينظر إلي هذا القدر بعين النعمة وبصر الرحمة وأن الله تعالي رُبَما صرف هذه النعمة رحمةً به! وما يدريه؟ لعله إذا رزق بولد صار  هذا الولد سبباً في شقاء والديه وتعاستهما وتنغيص عيشهما! أو تشويه سمعته .. وفي السنة النبوية نجد هذا لما مات زوج أم سلمة - أبو سلمة - رضي الله عنهم جميعاً تقول أم سلمة رضي الله عنها : سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول: ( ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون أللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها ).
قالت: "فلما مات أبو سلمة قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم عليه؟ ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسول الله صلي الله عليه وسلم عليه".
فلنتأمل هذا الشعور الذي انتاب أم سلمة - وهو بلا شك ينتاب بعض النساء اللاتي يبتلين بفقد أزواجهن ويتعرض لهن الخُطاب - ولسان حالهن: ومن خير من أبي فلان؟! فلما فعلتْ أم سلمة ما أمرها الشرع به من الصبر والإسترجاع وقول المأثور أعقبها الله خيراً لم تكن تحلمُ به ولا يجول في خلدها.
وهكذا المؤمنة يجب عليها أن لا تختصر سعادتها أو تحصرها في باب واحد من أبواب الحياة نعم.. الحزن العارض شيء لم يسلم منه أحد ولا الأنبياء والمرسلون! بل المراد أن لا نحصر الحياة أو السعادة في شيء واحد أو رجل أو امرأة أو شيخٍ.
ومعني القاعدة بإيجاز:
أن الإنسان قد يقع له شيء من الأقدار المؤلمة والمصائب الموجعة التي تكرهها نفسه فربما جزع أو أصابه الحزن وظن أن ذلك المقدور هو الضربة القاضية.والفاجعة المهلكة لآماله وحياته فإذا بذلك المقدور منحة في ثوب محنة وعطية في رداء بلية وفوائد لأقوام ظنوها مصائب وكم أتي نفع الإنسان من حيث لا يحتسب!
مع تحياتي وفائق إحترامي. 
✍️الأستاذ : إسماعيل مفتاح الشريف .
البلد : ليبيا.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عسعسة العيش....بقلم الشاعر راتب كوبايا

قلبي ينبض بحبك...بقلم الشاعر أبوبكر المحجوب

لست وحدي ...بقلم الشاعر رضا الشايب

منها نستفيد...بقلم الشاعر علي مسلم عجمي

محبة ....بقلم الشاعر أحمد قراب

الخمار الأسود.. بقلم الشاعر/منصور عمر اللوح