الصياد والكلب.. بقلم القاص/رأفت عبدالستار

 الصياد والكلب


قصة قصيرة بقلم:

رأفت عبد الستار


تعود الصياد مصاحبة كلبه معه أينما ذهب حتى أصبح كظله و لكلاهما نفس الهيئة الصياد يمشي بتؤدة رافعا رأسه لأعلى

فى شموخ وكذلك الكلب...ولكلاهما نفس النظرة الثاقبة المتفحصة للأشياء.


ألقى الصياد نظرة على الكوخ وتفحص

أركانه جيدا ثم ألقى نظرة أخيرة على طفله

الصغير الذى لم يتجاوز عامه الثالث وهو يغط فى نوم عميق  على أريكة صنعها خصيصا له

من البوص والجريد وراح ينادي على كلبه فلم 

يستجب للنداء على غير العادة وهو يخمش

الارض ويشمشم أرضيتها ويدور حول نفسه بشكل سريع ثم يتحسس أركان الكوخ بأنفه

وهنا صاح الصياد ودعاه للمثول بين يديه فانصاع على مضض فجذبه الصياد من أذنه وصاح فيه موبخا:

_مالك اليوم على غير عادتك كما لو

 مسك جن.

ثم أردف محذرا:

_الصغير في حمايتك...سأذهب لأحططب فالليلة يكسوها الصقيع والطفل لن يتحمل برودته.

إنطلق الصياد وهو غير راض عن كلبه وتصرفه

الشاذ الغير مألوف  محدثانفسه:

_مالهذا الكلب على غير عادته اليوم .


كان الصياد يتخذ طريقه بين البوص والهيش

بحثا عن أفرع الأشجار من الناحية المتاخمة

للطريق وانتزع البلطة وأخذ يقطع الأفرع ويجمعها  في شوال وظل على هذا الحال قرابة ساعة عاد بعدها يحمل الشوال على ظهره وفى يده عصا غليظة طويلة لاتفارقه

وبندقيته على كتفه وأخذ يسرع الخطى فى

طريقه الى الكوخ حيث ابنه الصغير والكلب

الذي علمه كيف يفتح باب الكوخ لقضاء حاجته

وكيف يغلقه عند العودة حيث تدرب الكلب على هذا الأمر وكان الطريق الى الكوخ وعرا

لوجود الأحراش والهيش الكثيف الذي يطويه

الصياد بعصاه الغليظةحاملا ما احططبه على

ظهره إلى أن لاح الكوخ من بعيد والكلب خارجه يعوي بشكل هستيري ولما اقترب الصياد وجد الكلب ينبح وقد خضبت الدماء 

أسنانه وفمه فجن جنونه لرؤية الكلب

على هذا الحال وهو يكشرعن أنيابه فصعد

الدم لرأس الصياد وشل تفكيره والكلب لايستجيب لنداءه وهو ينبح فى وجهه فصاح

الصياد وهو لا يصدق مايرى وهوى بالعصا الغليظة عليه فتكوم الكلب  فى الحال 

وأخذ يصرخ وهو يلوم نفسه بشدة :

_كان يجب ألا أذهب بعد أن رأيتك على غير عادتك أيها الخائن.

وأخذ يقدم قدم ويؤخر الأخري كيف سيطاوعه قلبه على رؤية طفله  بعد أن هاجمه الكلب بهذه الشراسة التى بدت على هيئته إلى أن رأى الدم فى كل مكان فأخذ يبكى بحرقة شديدة وضمه إليه

وهو يخفى دموعه  وركع على ركبتيه وأخذ يقلبه يمينا وشمالا عسي أن ينهض

ولم تفارقه الروح واشلاء الكوبرا مبعثرة فى كل مكان والطفل يبكي بشدة وهو  ينظر إلى الكلب الوفي الذى قاتل بشجاعة  من أجله. وبينما كان الصياد يحتضن كلبه متحسرا على فعلته الخسيسة معه سمع أنين الكلب  ففرح 

وأخذ يقبله ويحتضنه وهو يتأسف له وحمله

ليعالجه .وظل يعتني به خير عناية  حتى تماثل للشفاء وأخذت الحياة دورتها حيث تعود الصياد أن يمشي بتؤدة رافعا رأسه في 

شموخ يتبعه كلبه وهو يمشي.ايضا  بتؤدة 

وجسمه  يميل ناحية اليمين من جراء الكسر 

الذى لحق برجله اليمنى ورأسه لأسفل من ثقل الحزن الذي ألم به وقد اختفت نظرته الثاقبة المتفحصة لتحل محلها نظرة منكسرة يملؤها

 تساؤل لإيجد إجابة له.


قصة قصيرة بقلم:

رأفت عبد الستار

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وقعت أسير هواك...بقلم الشاعر أبو بكر المحجوب

سنين عمري ....بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

عسعسة العيش....بقلم الشاعر راتب كوبايا

قلبي ينبض بحبك...بقلم الشاعر أبوبكر المحجوب

الخمار الأسود.. بقلم الشاعر/منصور عمر اللوح

اِغضب...بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

لست وحدي ...بقلم الشاعر رضا الشايب

منها نستفيد...بقلم الشاعر علي مسلم عجمي

تبرية من شيم العفاف تنجلي....بقلم الشاعر معمر محمد بدوي

مهرك غني....بقلم الشاعر بدر الدين ود الفاشر