الخلق والميعاد.. بقلم الكاتب/د. فالح نصيف الحجية الكيلاني
الخلق والمعاد كتاب جديد صدر في عمان - الاردن
.
من موسوعتي ( التفسير الموضوعي للقران الكريم )
.
الخلـــق والمعــــــــاد
.
بقلم : د . فالح الكيـــــلاني
1
- الخلـــــق والتـــكويـــــــن - القسم الثاني
.
بســـــم الله الرحمن الرحيم
.
اذ خلق الله تعالى هذا الا نسان بعقله الراجح وتفكيره الواسع ونفسه السنية واخلاقه الفاضلة وعواطفه الجياشة والهاماته المتسامية ومنطقه السليم واحساساته الصادقة المنبعثة من اعماق قلـبه وجعل بين هذه القلوب وهذه والارواح محبة ومودة ورحمة حيث خلق الموت والحياة و جعل له قلبا نابضا ومتحركا له في كل شيء او هو ماكنة او محرك حياته و ديمومته. وبقاؤه مقرون بدوام دقات قلبه وبقائها في حركتها فاذا توقفت توقف الانسان فمات وهلك . وخلق نفسه وفيها التواضع وفيها مسحة من الكبر والانفة والاباء والتعالي الا انه سبحانه تعالى حدها بالتعاليم الدينية والعقوبات المعنوية وليختبر هذا الانسان بما هيأ له من هواجس التأمـل والتدبر والتفـكر في قدرة الله العظيم وحكمته العظيمة ووحدانيته.
خلق الله تعالى الانسان من (طين لازب) ثم جعل نسله من ماء
( مهين) اي قذر تتقزز منه نفسه - النفس البشرية ذاتها - وتمقته اليد ان تلمسه او تمسكه والعين ان تنظر اليه كراهة . وهذا الماء المهين هو اصل خلق الانسان ومادته الذي يتكون في صلب الرجل أي من جهة ظهره ثم ينحدر الى الاسفل ليختزن في موضع معين هيئ له الى ان يحين خروجه وفي هذا الماء خلق الله تعالى ما يسمى
( الحيامن) ومفردها ( حيمن ) وهي اصل خلق الانسان (الذكر) ويتكون ايضا في ترائب المرأة أي في صدرها من تحت ثدييها او تحت سحرها ويسمى ( البويضات ) واحدتها (بويضة ) ثم ينزل هذا الماء الى الاسفل حيث يختزن .
قال الله تعالى :
( فلينظر الانسان مم خلق * خلق من ماء دافق* يخرج من بين الصلب و الترائب* انه على رجعه لقادر * )
سورة الطارق الايات \ 5-8
ثم ينزل الى اسفل ثم يخرج فاذا التقى ماء الرجل بماء الانثى في عملية التزاوج ( الجماع ) وهي اشرف وفضل واقوى عملية جعل الله تعالى فيها بقاء الجنس البشري و جعلها مقرونة بشهوة جامحة عارمة ورغبة شديدة تتقارب لها القلوب وتتحابب الافئدة وتتوا دد فيها النفوس وترغبها الارواح وتنغرس فيها المحبة في قلب الرجل للمراة وقلب المرأة للرجل بحيث يفضل الاول الثاني على نفسه ا و يجعله صنو نفسه او اكثر ويمتزج الجسمان الذكري والانثوي في رعشة شديدة جامحة تهز الاثنين هزا عنيفا من اعلى الراس الى اخمص القدم لا مثيل لها وتسمى (العلاقة الحميمية) وقد تجعل الانسان لقوتها ومتعتها - في بعض الاحيان نساءا ورجالا – يخرج عن الحلال ليقع في الحرام لاجل الظفر والاستيناس بهذه المتعة والوصول الى ذروتها وهو ما يطلق عليه ب (الزنا ) وهو الذي يقضى على اصل المرء ونسبه فلا يعرف الانسان من هذه العملية ابن من - في سبيل التمتع بهذه الشهوة او اللذة العا رمة . وهذه الحالة ربما ليست موجودة في الانسان وحده بل في عموم ما خلق الله تعالى في البشر والحيوان والنبات والحشرات وكل شيء حي والموضوع طويل طويل قد يخرجنا عن مقصد نا .
في هذه العملية او في الاتصال الجنسي ينزل ماء الرجل الذي يحمل ملايين النطف الذكرية التي تسبح في ماء الرجل في المرة الواحدة ليلتقي بماء الانثى الذي يتكون من العديد من البويضات الانثوية لتتلقح - نتيجة هذا الاتصال - بويضة واحدة وربما تتلقح بويضتان من حيمنين - وهو نادر جدا – فيكون الحمل توأما وتتم عملية التزاوج بتخصيب حيمن ذكري واحد لبويضة انثوية واحدة في الاغلب لتكون اصل الخلق في رحم المراة , فالحيمن الافضل والاقوى هو الذي يفوز بهذه العملية ليكون البقاء للاقوى.
قال الله تعالى :
( الله يعلم ما تحمل كل انثى وما تغيض الارحام وما تزداد وكل شئ عنده بمقدار * عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال *)
الرعد \ الايات - 8 و9
وقال الله تعالى :
( ياايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ان الله عليم خبير * )
سورة الحجرات \ 13
اما بقية الحيامن والبويضات فتموت او تهلك-- وهذه الحالة تذكرني في مملكة النحل يوم كنت مربيا لبعض خلايا النحل قريبا من سكني في قضاء الخالص – العراق حيث تخرج ملكة النحل الحديثة التكوين بعد ان تنمو وتكتمل وتصبح ملكة تامة عذراء تخرج من الخلية لغرض التزاوج فتطير في السماء ويتبعها ذكورالنحل في سرب كثير الا انها تستمر في الصعود وتتهاوى الذكور بعضها اثر بعض ولا يلقحها الا الاقوي الذي يستطيع اللحاق بها في جو السماء والارض وهو طبعا الاقوى فيلتسق بها في رغبة جامحة ملقحا اياها فينزلان متعانقين الى الارض –.
وقد تهيأت الاسباب والاماكن في كلا الجنسين الذكر والانثى للخلق والانجاب . ومن هذا الاتصال يتكون الانسان حيث تتكون هذه العـملية اصلا من عدد من الكروموسومات المتساوية العدد في الذكر والانثى وعددها\ اثنان وعشرون كرموسوما جسديا وواحد جنسي أي ثلاثة وعشرين كرموسوما في الذكر و مثلها في الانثى . فتلتقي او تجتمع فتكون \ 46 كروموسوما منها اربعة واربعون كروموسوما جسديا واثان فقط جنسيا وهذه هي اصل الامشاج او النطف ثم تتوسع او تكبر في رحم المرأة عن طريق الانقسام او الانشطار مكونة اول خلية بشرية جديدة في رحم المرأة المهيء اصلا للحمل والتوسع وهي تحمل كل الصفات البشرية والوراثية في داخلها ثم تتحول هذه النطفة التي تكونت نتيجة الا تصال الجنسي بين المراة والرجل الى علقة في اربعين يوما وهي نقطة او كتلة صغيرة من د م ثم تتحول هذه العلقة الى مضغة في مدة اربعين يوما ايضا وهي ا شبه باللحيمة الصغيرة ثم تكون هذه المضغة عظاما في اربعين يوما ثم تكتسى هذه العظام باللحم مكونة جنينا في رحم امه في اربعين يوما اخرى فتبعث فيه الروح ثم يستمر هكذا في رحم امه حتى تكتمل تسعة اشهر فتكون الولادة .
قال الله تعالى :
(ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقـة فخلقـنا العلقة مضغـة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم انشاناه خلقا اخر فتبارك الله احسن الخالقين *ثم انكم لميتون * ثم انكم يوم القيامة تبعثون * )
سورة المؤمنون 12- 14
و الخلق الاخر هو نفخ الروح فيه وهو ابن اربعة اشهرفي رحم امه وهذا ما يفسره قول الله تعالى :
( ثم انشاناه خلقا اخر )
فالروح جوهر لا تدركه الاحاسيس ولا تبصره الابصار وانه متصل بعلمه . علم رب العالمين .
قال الله تعالى :
( يسالونك عن الروح قل الروح من امر ربي وما ا وتيم من العلم الا قليلا )
سورة الاسراء\ 85
وقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال:
( وان احدكم ليجمع خلقه في بطن امه اربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم ياتي اليه الملك فينفخ الروح فيه ثم يؤمر بكتب اربع كلمات \ رزقه واجله وعمله وشقي او سعيد )
وكذلك نقول سبق الرسول الكريم محمد صلى الله تعالى علم الوراثة الحديث في قوله يوم سئل بم يكون الشبه في الولد قال:
( فاذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد له واذا سبق ماء المراة نزعت الولد )
رواه البخاري وهو يبين حالة شبه الولد لأبيه او امه والعوامل الوراثية التي يحملها كما في علم الاجنة ( الكروموسومات ) او ما يسمى بالجينات
وهذه هي عملية الخلق والتكوين .
يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
.
اميرالبيــــــان العربي
د . فالح نصيف الحجية الكيلاني
العراق- ديالى - بلــــد روز
* * *
تعليقات
إرسال تعليق