قصة "مؤامرة"...بقلم الاديب والشاعر خالد عبد اللطيف


 قصة:           " مؤامرة"

نظرة خاطفة وقصيرة ومقتضبة،قبلتها بقوة كانني أبصرها لأول مرة،لم ترسل ابتسامتها الموعودة كما عهدتها،لم تفتح ذراعيها لمعانقتي كما كانت تفعل من قبل،كانت نظراتها جافة وغامضة،لم يكن هناك متسع من الوقت لإخراج ابتسامة من شفتيها،وانتزاع ضحكة ملائكية تتوزع على تقاسيم وجهها،الوقت كان عبارة عن ومضة خاطفة أشبه بسرعة البرق،توقفت الكلمات في حلقي،جفت خلاله واوتاره،توقف الزمن بسرعة رهيبة،لأول مرة أرى جفافا في عيونها،فهل كانت تستشعر خطورة الموقف،وجلال اللحظة؟هل كانت تعلم ان القدر سيحرمها من رؤية وجه حنون ألفته،وتعودت على رؤيته صبح مساء؟هل هداها إحساسها الداخلي الى ان روحا شريرة ترفرف على صدر من يدللها في العشي والأبكار؟

طويت المسافات،وبعدت المساحات،اختفت الحركات والاشارات والايماءات،الوقت يعيش في زحام كبير،تقلص الزمن الأرعن،وماتت التعبيرات ،وتلاشت النظرات،كنت أنتظر أن تحرك يديها،او ترفع صوتها لاحلى كلمة أسمعها منها كل يوم،لكن الصمت كان سيد الموقف،لم أر منها غير نظرات اليأس والاحباط ،تلاشت المعاني والدلالات،الوقت الميت لعنة،والزمن المغتال كلب أكلب،روضته نظرات الغربان،ونعيب البوم ،لاڜيء يدعو الى الطمأنينة،كان القلق سيد الموقف،وبسبب الاجواء المشحونة والملتبسة، أتلفت نظرات الصغيرة،مما جعلها لم تستوعب مايقع،كان المكر أكبر من الوضع الملتبس،ومن جانب السور بدت شجيرات الشوك تستعجل الرحيل،وعن تجربة سابقة حاولت طمس معالم الحدث،والانغماس في امتدادات الافق الغامض،برهة توجس،ونزق ومضة،وسرعة هنيهة،عبرها يمكن التخلص من رهبة الموقف وترويض الزمان،جو ملتبس بلا عدة ولاعدد،تمططت النظرات،كان الركب يشبه متلاشيات صدئة،بلا روح ولا حس،والارض تميد تحت نكسة مهزوزة،كأنها بركان هائج،أو حصان حرون...

اختفت حشاشة كبدي في فراق قاس متشنج،رأيت عناكب بشعة تسرق الكحل من العين،وتنهش المشاعر والاحاسيس،كانوا بلا كبد او قلب..

بنفس فرار الوقت،وهروب الزمن،وانفلات الومضة من تأثيرات كارثة 

لاتعرف عواقبها،وتسللت موازين اللحظات القصيرة الى بوابات الابدية،واسوار الزمن السرمدي.

نظرت في الهاتف، حاولت اخراج ارقام مهمة،لكنها اختفت وذابت

كفص ملح في الماء،لم اكن احفظ غير رقم واحد،اما الارقام الأخرى فقد جرفها سيل عرم،وطوفان هائج،وبالمكر المعتاد مع هذا الشيطان،اخرجت الارقام لكنها كانت لاتجيب،أما ذلك الاعشى فقد جعلني افقد صبري من مخلوق لم يكبر فيه شيء غير مؤخرة سمنت بالنقانق واشياء اخرى...

اختفت الارقام...بمكر الخرتيت الذي كان يكثر من الكلام بلا فائدة او معنى...مال الركب بسبب النتوءات والغبار والرغبة في إسدال الستار على المسرحية....

الوقت ضيق كما فرج العذراء،والزمن استنزفه عهر الموقف،فهزل حتى لم أعد قادرا على الإمساك به،وفي ظل انتشار الزوابع،سمعت هاتفا يقول"لحزام بكى وشكى وماصاب على من يتكى" لم يكن هذا المثل الشعبي غريبا علي،فقد كان ابي يردده على مسامعي يوميا...

الزمن محاصر كما الاسود في حدائق الحيوان،ولم يكن من السهل علي أن أدمج المواقف والمشاعر والمفاجآت في خانة واحدة،ولكن كان من الضروري ان ألتف على الثواني والدقائق واللحظات،فبالرغم من مكرها،فقد كنت أمكر منها،لأن التجربة علمتني ان أطوي المسافات،في فترة غيابي كانت حشاشة كبدي تبكي...قطعت حبل السرة بعد مناورة عجيبة....وعبر السماء الزرقاء كانت مباركة الرحمان،وجنوذه ترسل البڜائر الى ملاكي الصغير....وشجرة العائلة.

خالد عبداللطيف.

ملحوظة:هذه مجرد قصة،وكل تشابه في الأحداث والشخوص ماهو إلا من قبيل الصدفة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وقعت أسير هواك...بقلم الشاعر أبو بكر المحجوب

سنين عمري ....بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

عسعسة العيش....بقلم الشاعر راتب كوبايا

قلبي ينبض بحبك...بقلم الشاعر أبوبكر المحجوب

لست وحدي ...بقلم الشاعر رضا الشايب

منها نستفيد...بقلم الشاعر علي مسلم عجمي

محبة ....بقلم الشاعر أحمد قراب

الخمار الأسود.. بقلم الشاعر/منصور عمر اللوح

اِغضب...بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

تبرية من شيم العفاف تنجلي....بقلم الشاعر معمر محمد بدوي