إقرأ وامسك القلم....بقلم الأستاذ حشاني زغيدي


 اقرأ وامسك القلم

الْبَعْضُ يَخَافُ أَنْ يَحْمِلَ كِتَابًا ، وَ الْبَعْضُ يَخَافُ أَنْ يَفْتَحَهُ ، وَ الْبَعْضُ الْآخَرُ يَخَافُ مِنْ تَهَجِّي أَوَّلِ كَلِمَةٍ فِي الْكِتَابِ ، وَ الْبَعْضُ الْآخَرُ لَا يَجْرَأُ أَنْ يُمْسِكَ الْقَلَمَ لِيَخُطَّ أَوَّلَ كَلِمَةٍ فِي الْكِتَابَةِ ، كُلُّ تِلْكَ الْمَخَاوِفِ ، سَتَسْقُطُ لَوْ قَرَّرَتْ أَنْ تَكْسِرَ الْخَوْفَ دَاخِلَ النَّفْسِ اتِّجَاهَ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ .

مَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَهُ كُلُّ إِنْسَانٍ أَنَّ دَاخِلَهُ مَوَاهِبَ وَ قُدُرَاتٍ حَبَاهُ اللَّهُ بِهَا ، وَمِنْ ذَلِكَ الْقُدْرَةُ عَلَى تَعَلُّمِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ ، وَ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاهِبِ وَ الْقُدُرَاتِ تَتَشَكَّلُ شَخْصِيَّتُكَ ، عَلَى الْإِنْسَانِ أَلَّا يَشُدَّ عَلَى الْقَاعِدَةِ فَيَسِيرَ فِي اتِّجَاهِ خَطِّ سَيْرِهِ مُتَسَلِّحًا بِقُوَّةِ الْعَزِيمَةِ ، فِي تِلْكَ اللَّحَظَاتِ سَتَنْفَجِرُ الْكَثِيرُ مِنْ الْمَوَاهِبِ وَ مِنْهَا مَلِكَةُ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ .  


فَجَرُبُّ أَنْ تَقْرَأَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي صَفْحَةِ الْكِتَابِ ، ثُمَّ كَرِّرْ ذَلِكَ مَرَّاتٍ ، فَسَوْفَ تَجِدُ حَلَاوَةً وَ مُتْعَةً لَمْ تَعْرِفْهَا ، سَتَكْتَشِفُ ذَاتَكَ تَنْجَذِبُ نَحْوَ الْقِرَاءَةِ ، تَجْذِبُكَ نَحْوَ الْكِتَابِ فِي رُفُوفِ مَكْتَبَتِكَ ، وَ سَوْفَ تَتَوَلَّدُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَلَاقَةُ حُبٍّ أَبَدِيَّةٌ ، فَلَا تَعْجَبْ فَالْمَرْءُ مِنَّا لَمْ تَنْشَأْ مَعَهُ مَلَكَةُ الْقِرَاءَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ وَ حُبُّ الْمُطَالَعَةِ ، وَ لَكِنْ بِالتَّعَلُّمِ وَ التَّدْرِيبِ الْمِرَانِ وَ الصَّبْرِ عَلَى تَخَطِّي أَوَّلِ التَّجْرِبَةِ ، امْتَلَكَ أَصْحَابُ صَنْعَةِ الْكَلِمَةِ ، زِمَامَ الْحَرْفِ وَ الْكَلِمَةِ ، فَكُلُّ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا يَبْدَأُ بِالتَّجْرِبَةِ ، وَ بِالتَّجْرِبَةِ نَمْتَلِكُ الْخِبْرَةَ ، الَّتِي تَتَحَوَّلُ فِيمَا بَعْدُ إِلَى إِبْدَاعٍ فَنِّيٍّ .

عَنْ تَجْرِبَتِي كُنْتُ دَائِمًا أُحِبُّ أَنْ أَتَجَاوَزَ مُشْكِلَةَ الْخَوْفِ مِنْ النَّقْدِ الْخَوْفِ مِنْ تَتَبُّعِ الْعَثَرَاتِ وَ رَصْدِ الْأَخْطَاءِ الْعَفْوِيَّةِ الْغَيْرِ مُتَعَمَّدَةٍ ، كُنْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي دُونَ اسْتِشَارَةِ أَحَدٍ أَنْ أَتَوَقَّفَ عَنْ الْكِتَابَةِ ، اتْرُكَ هِوَايَتِي الْمُفَضَّلَةَ الَّتِي سَاعَدَتْنِي لِأَتَجَاوَزَ الْكَثِيرَ مِنْ عَقَبَاتِ حَيَاتِي ، لَكِنَّ إِصْرَارًا دَاخِلِيًّا كَانَ يَمْنَعُنِي ، يَحْمِلُنِي لِأَتَجَاوَزَ أَزْمَتِي لِاِنْتَصِرَ عَلَى الْكَابُوسِ الْمُزْعِجِ .

تَجَاوَزْتُ الْخَجَلَ وَ الْخَوْفَ ، أَنْ أَكْتُبَ خَوَاطِرِي ، أُقَدِّمَ أَرَائِي ، أُعَبِّرُ عَنْ أَفْكَارِي الَّتِي أُؤْمِنُ بِهَا ،

حَبِّيٌّ لِلْقِرَاءَةِ جَعَلَنِي أُقْبِلُ عَلَى الْحَيَاةِ ، تَجْعَلُنِي أَسْبَحُ فِي عَالَمِ الْفِكْرِ ، تَجْعَلْنَنِي أَكْثَرَ نُضْجًا ، تَجْعَلُنِي أَتَقَبَّلُ الْآخَرَ ؛ بَلْ أَتَقَبَّلُ عُيُوبِي ، فَأُصْلِحُهَا دُونَ خَوْفٍ مِنْ أَحَدٍ ، تَجْعَلُنِي أُقَدِّمُ أَرَائِي بِأَدَبٍ وَ جُرْأَةٍ لِأَنِّي أَرَى الِانْزِوَاءَ وَ الْخَجَلَ وَالتَّوَتُّرَ وَ الضَّعْفَ أَمْرَاضً تَحْرِمُنَا لَذَّةَ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَ الْبَحْثِ عَنْ نَقْصِنَا الْمَعْرِفِيِّ ، الْفَائِدَةُ الَّتِي يَجِبُ مَعْرِفَتُهَا أَنْ نُرَوِّضَ النَّفْسَ وَنُعَوِّدَهَا عَلَى الْعَادَاتِ الْحَسَنَةِ حَتَّى تَتَهَذَّبَ طِبَاعُنَا .

وَ لَيْسَ ذَلِكَ عَسِيرًا حِينَ أَنْ نَقْبَلَ نَحْوَ مَا نُرِيدُ ، نَسِيرُ نَحْوَ هَدَفِنَا الْمَرْسُومِ بِثِقَةٍ ، نَصْنَعُ التَّغْيِيرَ الْإِيجَابِيَّ الَّذِي يَرْفَعُ قَدْرَنَا وَ قِيمَتَنَا .

قَالَ الله تعالى  : ( ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ) [ الرَّعْدُ : 11 ]


الأستاذ  حشاني زغيدي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وقعت أسير هواك...بقلم الشاعر أبو بكر المحجوب

سنين عمري ....بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

عسعسة العيش....بقلم الشاعر راتب كوبايا

قلبي ينبض بحبك...بقلم الشاعر أبوبكر المحجوب

الخمار الأسود.. بقلم الشاعر/منصور عمر اللوح

اِغضب...بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

لست وحدي ...بقلم الشاعر رضا الشايب

منها نستفيد...بقلم الشاعر علي مسلم عجمي

مهرك غني....بقلم الشاعر بدر الدين ود الفاشر

أحلام في غزة....بقلم الشاعر جبران العشملي