حينما يبكي الرجال....بقلم الباحث والناقد حسين نصرالدين علي ابراهيم


 حينَمَا يبكِي الرجالُ . ! :

بقلمِ : حُسَيْن نصرالدين :

يقُولُون دائماً:منْ العيْبِ أنْ يبكِيَ الرجالُ .!،وأنَّ البُكاءَ للنساءِ فقط .!، وهذا قولٌ غريبٌ ،بلْ جدُّ غريبٍ.

حتى أنَّ الرجلَ منَّا حينما يرى ابناً من أبنائِه يبكِي حينما يُعاقبُه مثلاًعلى ذنبٍ اقترَفَه،يقولُ له الرجلُ لا تَبْك ِ،ألستَ رجلاً؟، يقول له زاجرا ًكيْ لا يبكي،مُستنكراً بكاءَه بعدما عاقبه ضرباً مثلاً أوْ لوْماً أوتقريعاً .

فهذا الرجلُ يرى من العيب لأبنائِه أنْ يبكوا،ويستنكرُعليهم ذلك،ولا يُحبُ أنْ يرى أولادَه وهم يذرفُون الدمُوع نتيجة ضربه لهم بالعصا الخاصة والتي أعدَّها خصيصاً لهم لمُعاقبتهم،حينما يقترفُون ذنباً أويأتُون بما لايُرضيه، تلك العصَا التي أوصى عليْها جاره النجارَالذي يسكنُ قبالة بيْتِه.

وبالنسبةِ لي ولما اتضَّحَ لي أنَّه وقدْ ترَّسَّخَتْ في داخلي أكذوبة البكاء للبنات فقط ،لا للرجال،أو للأولاد.

فأنا شخصياً رجلٌ بكَّاءُ،مُرهفُ الحسِّ شديدُ الحساسية،جيَّاشُ العاطفة،أبكي من مواقفَ بسيطةٍ،أوهكذا يراها الآخرُون،ولا أرى في ذلكَ عيْباً،أونقصاً مثلاً،لاسمحَ الله،في رجُولتِي،فمثلاً منظرُ دهسِ قطةٍ صغيرةٍ تحت عجلاتِ سيارةٍ مُسرعةٍ في الطريق العام يقُودُها سائقٌ أرْعنُ،يُبكِيني فعلاً،ويُفطرُ قلبي،ورُبما يجعلني أعزِفُ عن الأكلِ يوماً كاملاً،كذلك حينما أرى أطفالاً صغاراً يلعبُون ويلهون بعصفورٍصغيرٍمُقيدٍ بخيوطٍ حادةٍ،تعوقُه عن الحرية والطيران،وهم يضحكُون،فهذا يُؤلمني كثيراً،ويُبكيني .

كما كان أبوايَ رحمهما الله وبعض إخوتِي وبعض أقارِبِي،يسخرُون منِّي أو يندَهِشُون حينما كنتُ أبكي،وأنا أُتابِعُ أحد الأفلام العربية القديمة،أوالهندية،عبرَالتلفازِالعتيقِ في بيْتنا القديم،بالأسود والأبيض،التي كانتْ تفتح ينابيعَ الدمُوع ِنتيجة موْتِ البطلِ أوْالبطلة أوتفريقِ بين حبيبيْن نتيجة الدسائس التي يُحيكُهاالطرف الثالث الذي غالباً يكونُ حاقِداً ويضعُه مُخرجُ الفيلم طوال الوقت في خانة أودورالشرير،ثمَ يأتي،الفرج،أوالفرحُ،وتجفيف العبراتِ حينما تأتي النهاية بلقاء الحبيبيْن أونصرة المقهُورِ طوالَ الرواية،ثم ينتهِي الفيلم،وتخلصُ هذه القصةُ بالتصفيق الحاد والابتسامة تعلو كلَّ الوجوهِ  .

كانتْ نظراتُ المُجتمعِ المُحيطِ،أوجمهُورالنظارة،الذين تابعُوا الرواية،ويُحاولُون إقناعنا بذلك،أنَّ هذا مُجردُ رواية سرَدَها كاتبُ السيناريووالحوار،وأعدَّها هكذا كيْ تكونَ فيلماً درامياً،أوتراجيدياً،أوحتَّى من قبيلِ المِيلُودرَاما، أو من  قبيلِ الدراماالسوداء،القاسية،أوالقاتلة،كما يحلوللنقاد ولأهل الفنِّ تسميتها،وأنَّه وما أنْ ينتهِيَ الفيلم،وتخلصُ الرواية حتَّى يذهبُ الأبطال والفنانُون،والمُصورُون إلى البنوكِ كيْ يقبضُون أجورهم التي اتفقُوا بها مع كلٍّ من المُخرجِ والمُنتجِ،ولمْ يذرفْ منهم أيُّ أحدٍ لدمعةٍ واحدةٍ،ولكنِّ لمْ أكن ْ لمُقتنعاً بوِجْهةِ النظرِالضحلةهذه،وتبقى دمُوعِي مُحتبسةً في قارورةِ الانتظارِ،أوحبيسة قاعةالألم،والإحساس المُرهف بأحداثِ الرواية،ولمْ أكنْ لأتوقَّفَ حتَّى يُعادُ  بث ُّالفيلم مرةً أخرى،فأعودُ للبُكاء،رُبما أكثرَمن المرة الأولى والسابقة،وهُنا تقفزُالسُخريةُ من الرجال الأقوياء الذين لا يبكُون،والذين أُسميهم قُساة،وأعتبرُهم كذلكَ،لا أقوياء،فلمْ يكنْ قلبِي أبداً من طينٍ مخلُوطٍ  ببرادةِ حديدٍ،أوْتربيْتُ من والدَاي على كبتِ المشاعرِ،ووأدِ الأحاسيسِ .

فيبكِي الرجلُ،حينما يفقدُعزيزاً عليْه،رغم مكانتِه في العائلة،وهيبتِه التي يُعملُ لها كلُّ حسابٍ منْ باقي أفرادِ العائلة،أوحتَّى من الحيِّ الذي يعيشُ فيه،ورُبما من شدةِ حزنه على فِراقِ من أحبَّه،أنْ يعزِفَ عنْ تناولِ طعامِ إفطاره،حتَّى وإنْ كان صائماً،طول نهارِه .

ويكونُ بكاءُالرجلِ الشيخ نشيجاً مصْحُوباً بصوتٍ أسيفٍ خافتٍ،غيرمُهتمٍ بنظراتٍ من حوله.

وهُنا نتيَّقَنُ أنَّ دموعَ الرجلِ ليْستْ منيعةً،وأنَّ له لحظات ضعفٍ،وانكسارٍ،كإنسانٍ رجلاً كانَ أم امرأة،وأنَّ له دموعاً تُذرف ُوله نشيجاً مُؤلماً،وليْس كما كانُوا يقُولُون أنَّ الرجلَ مُحصنٌ ضد البكاء،ومنْ ثمَ فليْس البكاء للنساء فقط،ولامجال للوْمِ الرجلِ حينما يبكِي .

كتبَ أحدُ الأسرى الفلسطينيين،منذُ أكثر من عقديْن من الزمانِ،منْ بيْنِ ما قرأتُ،رسالةً لأهلِه يقُول فيها أوْهكذا كانَ عُنوانُها:(عندما يبكي الرجال يمُوتُ كل ُشيءٍ )،وهنا نشعرُأن َّهذا البكاء بالنسبة للسجين المقهُورهو قمةُ الغضبِ الممْزُوج بغموض المشاعرالإنسانية المُتضاربة،فهُو يُحاولُ أنْ يتجلَّدَ ويُمثلَ أنَّه مُتحملٌ صابرٌ جلِدٌ  .

والأسيرُهنا يبكِي هو ورفاقُه ليس من شدة العذاب والحِرْمَان ولا منْ القُضْبانِ وصلابتِها،بل ْمن القهرواللا مُبالاة  التي كانوا يعيشُونها،لاأحد يذكرُهم سِوَى عائلاتُهم التي كانت تُلاحقُهم،وتتبعُهم من سجنٍ إلى سجنٍ،والألم والقهر الذي يعيشُونه من الصباح الباكرإلى ساعات الليل الحالكة،يتحملُون غضب وسلاطة وصلف السجان والأوامر والنواهي والممنُوعات التي يرشُّونها كل يوم مثل الملح على الجروح،فلا يعْرِفُون متَى سيُتيحُ لهُم السجانُ لقاءَ العائلة بلا مُنغصاتٍ وحواجزَ وشتائمَ وسُبابٍ دُون مُبررٍ .

وتكونُ الدموعُ أيضاً حينما يكونُ وداعاً لإبنٍ أولزوجٍ ساعة السفر،دموع خفية،تُمسحُ سريعاً سريعاً،تمتزجُ باحمرارٍفي العيْنيْن والوجناتِ،مُتألقةً تُشيرُإلى بُوصلةِ الحُزن حين يرحل أحد الأحبة،كما تكونُ الدموعُ أيضاً غزيرةً عند فقدِ حبيبٍ أوقريبٍ والدٍ أوأمٍ،مع عباراتِ المُواساة التي تُشرِقُ فوق الشفاه المُتعاطِفةِ مع الأقارب وألأهلِ في العزاءِ،كما تكونُ العبَرَاتُ أيْضاً حينما تلقى الجحودَ ونكران الجميل،والإقصاء،والإهمال ممن أسديْتَ لهم معروفاً،وكنتَ الشمعةَ المُضيئة لهم طوال دربِ حياتِهم،والتي تحترقُ من أجلِ دوام النورِوالحياةِ لهمْ.

ويبكِي الرجلُ حينما يكونُ قدْ أفنى عمرَه كله في خدمةِ أهله،وأبنائِه،وتبوَّءوا أفضل المراكز،وأعلى الدرجات، وكونُّوا أُسَراً،ولمْ يألُ جهداً في سبيلِ إسعادِهم،ولقِيَ مالاقَاه،وعانَى،ما عاناه،ثم في الأخيرِ،لايجدُ منهم إلا الجحُودَ  ونُكرانَ الجميل،والقهروالغبن والإقصاءَ والنسيان،والتجاهلَ .

ولي صديقٌ،أعتبرُه أخي الأكبر،لا زالَ للآن يبْكِي ابنَه الذي ارتقى إلى الله عزَّ وجلَّ،شهيدَ المرض الذي فَتَكَ به،وأوْدى بحياتِه،وكان يعملُ في مركزٍمرمُوقٍ في جهةٍ سياديةٍ رائدةٍ راقيةٍ في دولة الكويتِ الشقيقةِ،لا زال يبكيه للآن رغم مرورِ السنواتِ والسنواتِ،وهومنْ هو.؟ هومن كان مُناضلاً فذَّاً،فارساً قوياً،من مُحاربي حربي الاستنزاف وأكتوبرالمجيدتيْن، حيثُ كان رقيب أول مدفعية م.د.(أي مُضادة للدبابات)في الجيْشِ الثاني الميْداني، والذي تُغطيه المدفعية م.ط.(المُضادة  للطائراتِ بغطاءٍ جويٍ)على شطِّ قناةِ السويْسِ،وكانَ ممن ْ لُقبُّوا بصائدي الدبابات،ومُدمري المُصفحاتِ وناقلاتِ الجندِ،وممن أسرُوا قادة العدوالغاصب،ومن أعلى الرُتب، كولونيل، وأميرالاي،وكما هومعلومٌ تُنسبُ كل هذه البطولات إلى القادة من الضُباطِ الكِبَارِ،ويُخفى اسم المُنفذين الفعليين، من صفِّ الضباطِ البواسل،الذين رفعُوا أرواحَهم على أكفِّهم،فحريٌّ بأخي هذا(الحاج محروس صابر،متعَّه الله بالصحة والعافية،والصبرعلى فراقِ ولده،الشهيد) أنْ يبكي َابنه الشهيد،بكاءً نبيلاً أصيلاً صامِداً،رغم بسالتِه وصلابة قلبه ورباطةِ جأشِه.   

وأنا لا زلتُ وللآن أبكي أبواي رحمهما الله،رغم أنَّ وفاتَهما منذ زمنٍ،أبي في أغسطس 1985،وأمي في يناير 2016، وكذا أختي انتصار رحمها الله أبكيها للآن وهي رفيقة طفولتي تُوفيت في شتاءِ 1962،وكنتُ في الثانية الإبتدائية،وقدْ قدمنا لها أوراقَها في الإبتدائي ولكن وافتها المنيةُ،بمرضٍ أصَابَنا ثُلاثتُنا أنا وهي وأخي الأصغر، ونجوْنا منه،وهي ماتتْ به،فالبُكاء لايعرفُ زمناً أوْيتقادم،أوْ تأتي به الأيامُ بالنسيان،نبكي على الحدثِ وكأنَّه بالأمس القريب،ونتذكرُذكرياتِنا بعيدها،وقريبها.  

ويحضُرُنا قول نبينا نبي الرحمة ﷺ ،وهوحديثٌ شريفُ،واعتبره بعضُ العلماءِ قولاً مأثُوراً،يُقالُ في المواقف التي تتضمن الحزن على المُصيبة،فقد ورد في حديث شريف أنَّ النبِيَّ محمداً ﷺ قال عند وفاة ابنه إبراهيم،فيما رواهُ البُخاري،ومُسلمٌ عنْ أنسَ بن مالك رضي الله عنه،وأرضاه قالَ:(أن َّرسول الله ﷺ دخلَ على ابنِه إبراهيمَ وهو يجُودُ بنفسِه،فجعلتْ عينَا رسول الله ﷺ تذرِفَانِ،فقال له عبد الرحمن بن عوف رضيَ الله عنه:وأنت يا رسول الله؟.)فقال:«يا ابن عوف إنَّها رحمةٌ»،ثم أتبعها بأخرى،فقال:«إن َّالعيْنَ تدمعُ والقلبَ يحزنُ،ولا نقولُ إلا ما يُرْضِي ربَّنَا،وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزُونُون»".

ويُوضحُ الحديث أنَّ الحزن والدمعَ عند المُصيبة لا يُنافِيانِ الصبرَ والرِضَا بقضاء الله وقدره،بلْ هما رحمة من الله عزَّوجلَّ،وإنَّما البُكاء تأثرٌطبيعيٌّ للإنسان بالمصائِبِ،حيْثُ تبكي العيْنُ وتحزنُ النفسُ عند فقدانِ عزيزٍ،ولا نقُولُ إلَّا ما يُرضِي الله سبحانه،يعني أنْ يلتَزِمَ المُسلمُ بالصبروعدمِ التسخُطِ على قضَاءِ الله،ولا ينطقُ إلابالكلمات التي ترضي الله،مثل "إنا لله وإنا إليه راجعون"،وإنَّ لفراقِكَ يا إبراهيمُ لمحزُونُون،تُظهرُ هذه الجملة،الحزنَ الطبيعيَّ على فراقِ الإبنِ،وتُؤكدُ أنَّ الرحمة الإنسانية لا تتعارضُ مع الإيمان بالقدرِوالصبرِ،الذي نرضاه ونُؤمنُ به،ونستسلمُ له دونَ سخطٍ أوجزَعٍ .

كما وَرَد في سورةِ يوسف (ابن يعقُوب)عليه وعلى نبيِّنا الصلاة والسلام:(وَتَوَلَّىٰ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَىٰ عَلَىٰ يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) الآية 84.وقال يا أسفاً على يوسف،أي يا حزناًعليْه،فالأسفُ هوشدة الحزن على من فقدناه،كما يعني شدة الندمِ والحزنِ،وقوله فهو كظيم،أيْ ممْلُوء به أيْ بالحزنِ،مُمْسِكٌ عليْه لا يُبينه،من شدتِه،وصمتِه عليْه،ولنا في أنبياء الله ورسلِه أسوةٌ حسنةٌ وقُدوةٌ مُربيةٌ مُعلمةٌ هاديةٌ،صلواتُ الله وسلامه عليْهم

وتكون دموع الرجلِ أيضاً حينما تُخفقُ ثورةٌ،أوْ تسقطُ دولةٌ،أويُحتلُ قطاعٌ ويُجوعُ أبناؤه،ويُحرَمُونَ من أبسطِ أسبابِ الحياة،من ماء وكهرباء،وغازٍ،وطعامٍ،ودواءٍ،ولا غطاء،بلْ لا مأوى يأويهِم .

 ومنْ مظاهرِ البُكاءِ وصورِ الدمُوعِ أيضاً :

دموع ُاللاجئين العرب،الذين نزحُوا لدولٍ أجنبيةٍ يقتاتُون الإقامة،ويتسوَّلُون الإيواء،واللجوء،والأمان،سواءً على حدودِ هذه الدولِ،أوفي شوارِع الذُلِ وساحات الانكسارِيطلبُون اللقمةَ والغطاءَ من البردالقارسِ،والأمان،العيْش الهادئ،وهم من هم.؟هم من كانُوا سادةً في بلادهم  قبل تدخُلِ الأجنبي،وتتعرَّضَ للتقسيم ِوالتفرقة،والهيْمنة الخارجية،وطمس الهوية،ومحو التاريخ واللعب بالخريطة الجغرافية .

دمُوع  ُالرجالِ وهم يحملون جثث أولادهم الذين غرقوا في البحروهم في طريقهم الى فصل من فصول الشقاء الإنساني .

ودموع الأب الغزَّاوِي الذي هُدِمَ بيتُه،وقُتلَ ذويه،وهذا الذي سرقَ الاستيطان أرضَه،لكنَّه يتشبثُ بأشجارالزيتونِ والليمُون .

وهذه دموع والد الشهيد الخفية الذي يُشيِّعُ ابنَه ويبقَى صامداً،شامخاً لأنَّه زفَّ ابنَه شهيداً دفاعاً عن الأرضِ، والعرضِ والشرفِ والكرامةِ،وهذا في الخفَاءِ يذْرِفُ الدموع بصمتِ إنسانٍ مكْسُورٍمقهُورٍ،والذي فقدَ كلَّ عائلتِه، بصمتِ رجلٍ يخْشَى من الإفصاحِ عن عواطفِه،وهذا يُسمونَّه الحزنِ النبيل .

دمُوعُنا جميعاً ونحنُ نودِّعُ الشهداء كلَّ يومٍ ،شُهداء المُقاومة البواسل الأفذاذ نُودعُ الطبيب الذي ارتقى إلى الله وهو يُداوي الجرحى والمُصابين ولمْ يأبهْ بالقصفِ المُدوِّي من حولِه،ومن فوقِ رأسِه،ونُودعُ شهداءالقلمِ والفكرةِ ويُوصلون بكاميراتهم وبأحاديثهم المُتلفزة والمُنبثة على الهواء في جميع المنصاتٍ المرئية عالمياً،شهداء الإعلام الحرِوالصحافةِ النبيلة،والقلمِ الشريف،وآخرهم المُناضل أنس الشريف،رحمهم الله جميعاً شهداء الشرف والكرامة الذين يذودُون عن حِيَاضِ ترابِ وطنهم ومُقدساتِهِ .

عدَّ العالَمُ يوماً عالمياً لبكاء الأبِ،أوالرجلِ،يوم الواحد والعشرين من يونيو(حزيران)،لكنْ لمْ يحْتَف ِ به أيُّ أحدٍ،ونسوْه تماماً،ولمْ يتذكرْه أيُّ أحدٍ كعيدِ الأم مثلاً أوكيوم المرأة العالمي،فحريٌّ بالرجالِ وبالأحرى بالآباء أنْ يبكوا لنسيانِهم وتجاهلِهم،هلْ يرجعُ السبب في أنَّ الرجلَ العربِيَّ قد ْوضعَ أوراقه على منضدةِ الدماروالذل والحيرة والجوع والبطالة والخذلانِ،والتقاعِسِ،والاستلاب،وأصبح لا يغادرُ ذلَّه وموْتَه،والذين أطلقُوا هذا اليوم (يوم البكاء العالمِي للرجالِ العربِ) قامُوا بإهداء الواقع ملفاً مُؤلما ًللرجل العربي عناوينه،بقايا رجولة المواقف، نفايات أعراس كانتْ تحملُ نبض َالثورةِ والتغييروفرض مملكات الضعف والترهل،وإمارات الإقصاء والتخاذل والمُهادنة وال"ت ط ب ي ع"،وزيادة سكب الدموعِ،وإراقةالعبراتِ مع ماءِ الوجه تارةً،ومع الكرامةِ تاراتٍ،لأننا نعيشُ بيْن طيَّاتِ البُكاءِ العربِي،لافرق  بين بكاء امرأةٍ وبكاءِ رجلٍ إلا بمَدى الشعوربالقهرِوالظلمِ والانكسارِ.     


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أساطين البيان..حسن علي علي

لا تهمني.. بقلم الشاعرة/ميساء مدراتي

مالو.. بقلم الشاعر/سامح الجندي

مدينتي قلعة سكر....بقلم الشاعر السيد داود الموسوي

احبكِ...بقلم الشاعر موفق محي الدين غزال

سرابيات....بقلم الشاعرة هدى المغربي

التلوث اللغوي في عوالم الأدب والفكر، بين الأثر المدمر والحلول الممكنة...بقلم الصحفي حيدر فليح الشمري

ارقصي معي....بقلم الشاعر حسن الداوود الشمري

هل يغار القمر....بقلم الشاعر علي غالب الترهوني

لا تغضبي....بقلم الشاعر أسامه مصاروه