إنتصرت التفاهة..! بقلم الكاتب المتألق/د. عمر لشكر
انتصرت التفاهة ...!
انتصرت التفاهة ،
وغنت أناشيد النصر في كل
مكان ،
ورتلت تراتيل الشكر بخشوع الفتيان ،
انتصرت ،
ورفعت علمها فوق الأعلام ، ورفرف عاليا في سماء الأكوان .
تربعت على عرشها البلقيسي ، واستوت واستعلت واستولت وصاحت من أعلى برجها العاجي :
أنا ملكة المماليك ، صاحبة العز والنصر والصولة والصولجان ،
أنا ملكة العصر والزمان ،
أتحدى سليمان العقل وجنده وجنه والناس أجمعين ،
أتحدى العلم والأدب والمنطق والفكر العميق والشعر والبيان ،
أنا من أنا ،
نار على علم ، من رآني فقد رآني ، ومن لم يرني فهو أعمى ولا كلام ،
من لم يرض بي ملكة الأكوان ، فليبحث عن مجرة أو كوكب آخر ليعيش فيه ، أو ليمت !
أنا هنا ، وأولادي وبناتي في عز الملوك .
هو الحق يقرر ويقال ...
سطع نجم التفاهة منذ زمان ، وطلع سعدها ، وأشرقت شمسها ، وهبت ريحها ، وذاع صيتها ، وعظم مجدها ، وعلا في الأجواء علمها ...
الناس من خلفها يلهثون ،
ويتمسحون بأثوابها ويهتفون :
تحيا التفاهة ....تحيا التفاهة ...
بأرواحنا نفديك ، وبأموالنا نحميك ..
نقدم لك القرابين والهدايا وعرابين الطاعة والولاء ،
سقط الحق من الأعالي إلى الأعماق ،
وصعدت التفاهة من الأعماق إلى الأعالي ..
يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات ،
يوم تبدل الأسماء والمسميات ،
يوم تبدل القيم والمقومات ،
تعلو التفاهة وتنتصر ...
وتحكم وتسيطر ، وتعبد وتفتخر ،
عبودية التفاهة تلهي ، وتغني ...ولكنها حتما ستنقضي ،
الحق لا يستسلم ولو حوصر
لو استسلم النهار لليل لانتهى الوجود والموجود
الصراع متقد ، والحرب سجال ،
ونحن ضد التفاهة في حرب وقتال ،
لا دقات الطبل تلهينا ، ولا نفخات المزمار ،
لا الرقص على الجفان يجذبنا ، ولا هز الأرداف والسيقان ،
لا البندير يغوينا ، ولا هز الأكتاف والتصفيق والشطح ولوك الكلام ...
لا الشيخات تؤنسنا ، ولا أصحاب الدق والميزان .
جرى ما جرى ، وسلطة التفاهة إلى زوال ،
سينكسر عرشها ، ويسقط تاجها ، وتخرب أسوارها مهما طال الزمان ...
كانت مماليك وانتهت ،
وحكمت امبراطوريات وزالت ،
ولا بد لحكم التفاهة أن يزول ...
الدكتور عمر لشكر
يونيو ٢٠٢٣
تعليقات
إرسال تعليق