مشاوير ٦٤..بقلم الأديب/علي غالب الترهوني
مشاوير 64 ......
-----------------
خالني أن روحي بدأت تصعد إلى السماء. خضت تجربة الموت ذات مرة وأنا في رأس العيد .لم تكن تجربة مخيفة على كل حال .لكنها متعبة بعض الشيء. بقيت أيام عديده وأنا طريح الفراش .في كل يوم كان والدي يكتفي بالصمت ويدخن بلا توقف وعندما يسأله أحد عني يكتفي بالقول .لا أظن أنه سيعيش إلى الغد .لذا وحين تجاوزت تلك المحنة أطلق علي الناس إسم (أبو السبعة أرواح ) قالت أمي. كنت تغط في نوم عميق كنا نراك أحيانا وأنت تبتسم عبر خلاءات في داخلك .لا ندري ما الذي كنت تراه .أنا على يقين أنك حين تبتسم كنت محاط بالملائكة. .ثم تقول هل كنت تذكر أي شيء؟
في الحقيقة أنني لم اطلع أحد على تلك الرحلة الغامضة .رأيت مدينة في السماء تشبه هذه المدينة .رأيت وجوه غريبة .رأيت الشمس والقمر ورأيت وجه جدي .بحثت عن شيخ جليل مثل الشيوخ الذين يطرقون على ذنوبنا عبر مساجد نرتادها خلسة .كنت أود أن أعرف هل فعلا هناك إمرأة معلقة على سطح القمر .إن كان الأمر كذلك فهي مصيبة .النساء على الأرض وقد سلبن قلوبنا .ما الذي تفعله النساء على القمر هل سنخرج من الدنيا والآخرة خالي الوفاض .ارحمنا يا الله ..
لكن تجربة الموت هذه جعلت والدي يستدعي أقاربنا ويعقد معهم جلسة مطولة ...قال لهم كما أخبرتني امي ..لا أمل لعبدالفتاح في الحياة رغم أن عرافة الخرمة متفائلة جدا وحكت لنا يوم حملنا لها الولد .ذكرت شيء عن السحر الذي أطعمة الشيطان لثعبان جائع وضعوه أخيرا علي مشارف مملكة مهجورة ..لهذا فقط أدعوكم أن تستعدوا لوداعه عما قريب .جهزوا الأطعمة والخراف جهزوا الخيام انتم مقبلون على الحشود التي ستأتي لمشاركتكم مراسم التوديع. ..ما نحتاجه الآن قليل من الصبر . .
هامت أمي على وجهها واستنجدت بالشوافات. تطمئن أحيانا وأحيانا تصرخ في جوف الليل ..
لكن هذه المرة تجربة الموت في المدينة لها خصوصية لا يدركها إلا الذين اقتربوا من الجحيم. ..
----------------
علي غالب الترهوني
بقلمي
تعليقات
إرسال تعليق