بين الخداع والخديعة.. قصة قصيرة.. بقلم الكاتب/د. عز الدين حسين أبو صفية

 قصة قصيرة :::


بين الخداع والخديعة ...


بلغ سالم سن الرُشد وهو وحيد والديه ، فقررا أن يُزوجاه من فتاة تُسعده، و أن يتكفلا بحياةٍ كريمةٍ له ويكون أبناؤهم امتداداً لهما .

بدأت أم سليم بالبحث عن عروس لولدها فتخرج كل صباح من منزلها وتدق أبواب بيوت بعض الأُسر ممن لديهم بنات في سن الزواج بعد أن تكون قد جمعت بعض المعلومات عن تلك الأُسر ومواصفات بناتهم؛ وفى اليوم الواحد كانت تزور أكثر من خمسة منازل وتشاهد مختلف الفتيات ، تتحدث معهن وتتفحص جمالهن إن كان يتناسب وقناعاتها ورغباتها إعتقاداً منها بأن ما يُقنعها ويُعجبها بكل تأكيد سوف لا يختلف عن قناعة أبنها.

بعد شهرين من البحث استقر رأي أم سليم على الفتاة ( سالي) التي كانت فائقة الجمال وساحرة الوجه ولطيفة الطباع ؛ اتفقت مع أهل سالي على خطوبتها لابنها سليم وبدء مراسم الخطوبة بعد أن يقوموا بالسؤال عن العريس وسلوكه وأخلاقه وأمور أخرى، و بعد أن تم ذلك، رحب أهل سالي بهذه الخطوبة على أن يقوم العريس بزيارتهم لمشاهدة العروس سالي والتعرف عليها وأن يُعطي قراره النهائي بالزواج منها .

التقى أهل العريس مع أهل العروس في منزل والد العروس مع عدد من المدعوين من الأقارب والجيران لحضور مراسم الخطوبة وقراءة سورة الفاتحة على أن يلتقي كل من العريس ووالده مع العروسة والدها في مقر المحكمة الشرعية لإتمام عقد قران سليم إلى سالي.

جلسوا جميعاً في غرفة مكتب القاضي الشرعي الذي بدأ في إجراءات عقد الزواج فطلب من كلٍ من العريس والعروس بتسليمه بطاقتيهما الشخصية ( الهويات الشخصية ) .

بعد أن تأكد القاضي من هوية سليم سأله إن كان موفقاً على الزواج من سالي ، فأكد له على ذلك فقام بتسجيل الإجابة وغيرها من الإجابات في السجل الخاص بعقد القرآن.

ثم بدأ القاضي بتفحص البطاقة الشخصية للعروس التي كانت تُغطي رأسها بمنديلٍ أسود وكامل وجهها بخمارٍ أسود أيضاً ولا يظهر منه أيّ شيء باستثناء مساحة صغيرة من العينان تظهر من خلال فتحتين لا تتجاوز الواحدة منهما سنتيمتر واحد فقط ؛ طلب القاضي من العروس برفع الخمار عن وجهها حتى يتأكد من مُطابقة شخصيتها مع صورتها و محتويات بطاقتها الشخصية ، رفضت العروس ذلك ، وبصوت مرتفع أمرها القاضي برفع الخمار وهذا الأمر من ضروريات أتمام عقد القران على الوجه الصحيح .

ارتجفت العروس وانتابها توتر أدهش القاضي وجميع الحضور، فقامت بخلع النقاب عن وجهها فانكشف وجهها بالكامل.

صرخ العريس سليم بشكل هستيري وهو يوجه كلامه للقاضي هذه يا فضيلة القاضي ليست بالفتاة التي شاهدتها ومن ثم خطبتها؛ ذُهل الحضور وألقى القاضي بقلمه على مكتبه وهو يقول أستغفر الله رب العالمين ووجه سؤالاً لوالد العروس من هذه الفتاة ؟ قال هي ابنتي توأم العروس ابنتي سالي، وما دفعك لفعل هذا وهو مخالف للدين و سلوكاً مُحرماً ومخادع ، يا فضيلة القاضي لقد وجدت في سلوكي هذا فرصة لتزويج ابنتي التوأم ( أحلام ) بهذه الطريقة لأنها غير جميلة ولم يتقدم لها أيّ أحد للزواج بها.

قرر القاضي ألغاء طلب وإجراءات عقد القران والزواج بعد سؤاله للعريس سليم إن كان يرغب بالزواج من أخت العروس، فرفض رفضاً قاطعاً ، وجه القاضي بعد ذلك كلامه لوالد العروس بأن ما قام به هو عمل مخادع يتنافى مع تعاليم وقيم الدين، فقرر تحويله لأجهزة الأمن للتحقيق معه وعقابه. 

بعد رجاء وترجي القاضي من قِبل والد العروس واعتذاره للجميع، قام القاضي بألغاء قرار تحويله للتحقيق على أن يُعيد كل ما قدمه العريس للعروس من هدايا ومهر وغيرها من الأشياء. 


د. عز الدين حسين أبو صفية



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وقعت أسير هواك...بقلم الشاعر أبو بكر المحجوب

سنين عمري ....بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

عسعسة العيش....بقلم الشاعر راتب كوبايا

قلبي ينبض بحبك...بقلم الشاعر أبوبكر المحجوب

لست وحدي ...بقلم الشاعر رضا الشايب

منها نستفيد...بقلم الشاعر علي مسلم عجمي

محبة ....بقلم الشاعر أحمد قراب

الخمار الأسود.. بقلم الشاعر/منصور عمر اللوح

اِغضب...بقلم الشاعر عبد المنعم مرعي

تبرية من شيم العفاف تنجلي....بقلم الشاعر معمر محمد بدوي