ياموطنا رام الفلاح.. بقلم الشاعر/محمد حسام الدين دويدري

 يا موطنا رام الفلاح لأهله


محمد حسام الدين دويدري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عَاقَرْتُ صَمْتِي فاستَشَاطَ المِنْجَلُ=غَضَباً فأيّ دروبِ وَصْلِكَ أدْخُلُ

يا مَوطِناً عَبَثَ البُغَاثُ بِأرضِهِ=فَغَدا يَئِنُّ منَ الكُلُوُمِ ويَعذلُ

مُسْتَنْجِداً بِدُمُوعِ كُلِّ مُعَذَّبٍ=يَقتَاتُ مِنْ بعضِ الفُتَاتِ ويَأْمُلُ

يبني على الأَخلاقِ من آمالهِ=ما يُرتَجَى في قادمٍ يُتأمَّلُ

يا موطناً أهواهُ ملءَ بصيرةٍ=ترجو الحَيَاةَ جميلةً تَتَأصَّّلُ

باتَ العُقُوقُ يُرِيقُ عَذْبَ مِياهِهِ=والسَارقونَ إلى الضُلُوعِ تَغَلغَلُوا

هذا يَمِيلُ على البِنَاءِ بِفَأسِهِ=كَي يَسْرِقَ الأحجارَ؛ إذ لا يٌسألُ

أو ذا يُماطِلُ في أداء أمانةٍ=مُسْتَجْدِياً ذا حاجةٍ يَتَذَلَّّلُ

ليُعِيدَ تَرتيبَ الحروف مُحاولاً=سَلْبَ الجِيُوبِ بِحِنكَةٍ تَتَسَوَّلُ

يَبْنِي على الكُرسِيِّ كلَّ حَياتِهِ=لا يجتبي الإحْسَانَ في ما يَأكُلُ

يُجزِي العطاءَ لِمَنْ يصونُ بَقَاءَهُ=في مَنصِبٍ يَبقى بِهِ يَتَعَلَّلُ

فإذا هوى الكرسيُّ باتَ مُعَلَّقَاً=بَينَ الأَسَى والحِقدِ لا يتَبَدَّل

* * * *

عودي إلى الذكرى المليئةِ بالصدى=يا نفسُ واسْعَيْ في سَناً لا يَأفُلُ

فاستَمْطِرِي الأَخلاقَ عَلَّ ضَمَائِرَاً=تَصْحُو فَيُحْيِيْهَا الزَمَانُ المُقْبِِلُ

لِتَعُودَ عَنْ جَهْلٍ يَقُضُّ مَضَاجِعاً=يلْهُو بِها سَقَمٌ مُقِيلٌ مُعضِلُ

تَدْعُو الرَحِيمَ لِكُلِّ قََلبٍ غافِلٍ=أنْ يَسْتَقِيْمَ ولِلْهُدى يَتَحَوَّلُ

تَسْتَعذِبُ الأحْلامَ مِلءَ جُفُونِها=لكِنَّمَا الأَحلام سُكْرٌ مُذْهِلُ

إِنْ لَمْ يَكُنْ عَزْم الطُمُوحِ مِداده=في سَعيِ زندٍ صامدٍ لا يُخْذَلُ

فَالوَهْمُ لا يَبْنِي حُصُوناً في الهَوَاءِ= ولا يَصُونُ شَوَامِخَاً تَتَرَهَّلُ

* * * *

آهٍ أَيَا وَطَناً يُعَاتِبُ أَهْلَهُ=عَلَّ العِتَابَ يُغِيثُ مَا قَدْ يُفْعَلُ

فَيُنَبِّهُ السَاهي ويُرْشِدُ مَنْ بَغَى=ويُعِيدُ تَشْكِيْلَ القُلُوبِ فَتَسْهُلُ

لِلفاسِدِيْنَ بِكُلِّ حَقْلٍ مَرتَعٌ=مِنْ كُلِّ أَصْنَافِ الضَمِيرِ تَحَلّلُوا

يَسْتَنْزِفُونَ حَصَادَهُ ودِمَاءَه=فِي جَهْلِ نَفْسٍ بِالجَهَالةِ تَهْزٌلُ

فَمَضى يَصُبُّ الحُزْنَ في زَفَرَاتِهِ=ويصيحُ "مَهلاً...؛ يا بَنِيّ؛... تَمَهَّلُوا"

هَلْ يَصْحُوَ المَأزُومُ مِنْ سَكَرَاتِهِ=ويفِيقُ مِنْ تِيْهٍ بَدَا يَسْتَرسِلُ؟!

في نَفسِ خَطَّاءٍ سَطَا فبدا لَهُ=سُلطان إغِواءٍ بِهِ يَتَرَجَّلُ

فيزيد غَلْواءَ الضَلالِ بِنَفسِهِ=لِتَراهُ في ضَنْكِ الضَلالِ مُحَمَّلُ

عِشْقُ "الأنا" يَسْطُو على أَنفاسِهِ=وتَمَلُّكُ الأَطيَانِ سَيْفٌ مُرْسَلُ

يَجْتَاحُ أَعنَاقَ العِبَادِ مُحَاصِراً=كُلَّ الحُقُوقِ بِقَبْضَةٍ تَتَجَمَّلُ

لا يَرْعَوِي عَنْ كُلِّ ذَنْبٍ يَجْتَنِيْ=مِنْهُ حَصَاداً بالمَهانَةِ يُحْمَلُ

كُلُّ الدُرُوبِ إلى الوُصُولِ مُتاحَةٌ=سَلْبٌ ونَهْبٌ والرِشَا تَتَواصَلُ

فَمَفَاوِزُ الإِفْسَادِ لَيْسَ يَحُدُّها=في نَفْسِهِ الظَمأى ضَمِيرٌ أَعْزَلُ

مادامت الأخلاقُ في سَكَرَاتِهِ=أَسْرَى حِصَارٍ في الظَلامِ تُكَبّلُ

يا صُبْحُ أقبِلْ كَي أَرَى نبضَ الحَيَاةِ= فِإنني فـي ضَـوءِ شَمْسِـكَ أَكْمُـلُ

فلقـدْ أبـَى الرَحمـن أنْ أبقـى علـى=وَهْـــمِ الـمـنــامِ مـُمَدَّداً أَتَـخَـيَّــلُ

إِنَّ الحَقِيقَـةَ فـي رُبَـى الآتـي فَكُـنْ=يا قَـلـبُ صلـبـاً بالمَحَـامِـد تـَرْفُـلُ

واجْعَـلْ شِعَـارَكَ دَأبَ يَومٍ مُنْـتِـجٍ=وَدَع الــرَخَــاءَ لـغَــافِــلٍ يـَتَـعَـلَّــلُ

إنَّ الأمـانـةَ تقْتَـضـِي أنْ نـَرتَـقِـيْ=والعُمْـر مــاضٍ والليـالـي تـَرْحَـلُ

يَا مَوطِنَاً يَرجُو الفَلاحَ لأَهْلِهِ=لَبَّيْكَ إِنّي بِالطموح أؤَمِّلُ

فلقدْ عَقَدْتُ العَزْمَ أنْ أبْقى على=قَولِ الحَقِيقَةِ لا أَخَافُ وأَخْجَلُ

................

الخميس 14 كانون الثاني، 2010

من مجموعة: حربشات على جدار الزمن



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صاحب الظل الطويل والمقام الهابط...بقلم الشاعر مصطفى محمد كبار

لست وحدي ...بقلم الشاعر رضا الشايب

عسعسة العيش....بقلم الشاعر راتب كوبايا

قلبي ينبض بحبك...بقلم الشاعر أبوبكر المحجوب

منها نستفيد...بقلم الشاعر علي مسلم عجمي

محبة ....بقلم الشاعر أحمد قراب

زينه.. الشاعر/علي غالب الترهوني

الخمار الأسود.. بقلم الشاعر/منصور عمر اللوح