حين يعود المساء.. بقلم الشاعر/يحي صديقي

 حــــــــــــــين يعــود المســـــــاء

تلفتُّ فاستطال الدرب بِـي

أمشي ورجلاي إلى الخلف تشدني

أتلفّتُ، وصوت طائر يتبعـني

بعثـر الريح عشّـه، يـزْقو من الألـم

أأبكي أنا، أم أبكي هذا الطائر الموحـل

أحاور الصمت وهذا المـدى

وصـوت الطائر الـذي بكـى

تلفّتُ، وهذا الدرب، ربما استطال ربما اخـتـفى

أنا لم أعـد أرى تجـمّـد الرمـاد بمـقـلتي

وانطفا وهج العـينين، ربـمـا!!

يسـألني الصباح، كـل صـباح. 

هل رأيت المساء؟

يا جـرحا قـديما تـنـزّى

يا ألمـًا ظلّ يجـاورني جـنيبا كل مساء

يسـكـنني في الليل، باردا مثل الصقـيع

يا ألـما مُـمِـضّا لـمَ تسألني؟!!

وأنت تعرف أنـني أجـوب هـذا المـدى

أحـاور الليل حـتى الصـباح

وفي الصباح تهرب الدروب حين تسمع خطاي

ويقـهـقه الريـح حـين يـراني يصـفع بكفـيه وجهي،

يصفّـر هازئا في أُذن السقوف، وفي أعمدة الكهرباء

يتـرنح مثل السكران،

يمـيل وينثـني، ثم يعـود يصفعـني من جديد 

يناديني بصوتٍ متـهدّجٍ. اِرحـل يا أنتَ 

واحمل كل جراحاتك كلّها فكل الدروب أُقفـلت

وكل المـدن الغجرية حلّت شعرها لريح مجـنونة

فانتَ الآن مُحـاصر، قد ضيعت صوتك، 

ضيعت وجهك، وضاع صـداك

لسانك المشـقوق قـد تعفّـر بالتراب 

لم يعـد صالحا للغناء

يا صوتا تغـرّب في الشعاب يأكله الشوق

تجـفِّـفُه الشمس المحرقة تحيله رمـادا

تـذروه الريح هــباء

هل لك لسان؟

هل لك وجه تعرفـه الدروب؟

كـم أنتَ غـريب، 

يسألني الصباح، ويلحُّ في السؤال

هل رأيت المسـاء؟!!!

وصوت الزمان يرنّ

يتـسلّل عبر الشقوق، عبر الثقوب

وصوت نـاي حـزين

يعـزف لحـنا لقلب ظل متشـبثا بنبـضه

يا قوافل الأحـزان انتظـري غيمـة حُـبلى

تأتي على صهوة ريـحٍ طيبة

ذاك وعـدٌ غـير مكـذوب

ويا مـآذن الفجـر استيقـظي

واسـرجي في المـحاريب قـناديلك

فأعـراس الفجـر حين تأتي

تستـيقظ العـيون الجمـيلة

وتعـلو البسـمات الشـفـاه

وتعـرّس الطيور للنور والفرح المشـتهى

لشمـس الصباح، ووجـه الضـحى

فذِي خُـطـى الأفــراح تقـترب

وفي دواخلـنا تنبـجس سـواقي لا تجــفّ

وهـا أنـا أمـنح كـفّي للأمطــــار

وامنـح زرقـة العـينين للسمـاء حين تصحو

وبسمة الشفاه للشمس حين تضحك في الصباح

فـقـلبي وهـبته للكلمات، للشوق المأسور حين ينطلقُ

وتحـيا على شفـتي كل الأغنيات التي أحفظها

أغـنيها لكم، أغنّـيها للأطفال، وللمساء حين يعود، 

محـمَّـلا بالرُؤى وحــلم جمـــيل .


يوم: 23/01/2023. يحـــــــــــــي



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيف ودرع...بقلم الشاعر أكرم كبشة

كادوا للأمة الإسلامية...بقلم الشاعرة تغريد طالب الأشبال

وداعا يا حبيبي....بقلم الشاعر محمد السيد يقطين

احيانا،ودي ما تغيب الذكريات....بقلم الشاعر رضوان منصور

حوار شعري بين حبيبين.. بقلم الشاعر/م.صبري مسعود.

في هذه الحديقة....بقلم الشاعر نورالدين جقار

نثريات.. بقلم الكاتب/محمد حسن البلخي

تحت وطأة الدجى....بقلم الشاعر توفيق عبد الله حسانين

تهمة في مسالك التحقيق...بقلم الشاعرة مريم بوجعدة

يمضي الليل...بقلم الشاعر أبو روان حبش