في ظلال لافتة.. بقلم الشاعر المبدع/د. محمد حسام الدين دويدري
في ظلال لافتة
محمد حسام الدين دويدري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يا مِزقةً لم تزل تعلو على الوتدِ=سطّرتُها راغماً صبحاً بخط يدي
أصبحتُ في ظلّها حيران أرمقها=في شكّ من راعه التجوال في البلدِ
أرسيت فيها حروف العزّ في زمنٍ=أضحى حصادَ الضنا والمقتِ والكَمَدِ
فالضنك مستوطنٌ يلهو بمأكلنا=يصطاف في زحمة "الطابور" والحشدِ
نخشاه في سطوةِ الأحلام يسحقنا=نشكوه في صحونا للواحد الأحدِ
نشكو جهاداً غدا بين الورى سقماً=كم رُمِّدَ العمر في جهدٍ وفي عُددِ
في الخبز أو قسمة "التموين" كم حُشِرَتْ=منا الجموع وكم تاهت عن السعد
ولم نزل نستظلّ اليوم يافطةً=تختان آمالنا بالنصر والرغدِ
كم كنتُ في فورة الغلمان أعشقها=أعيذها من لهيب الحقد والحسدِ
غذيتها من شعار كان يلهبنا=في وحدة تقتفيها وثورة الرَشَدِ
كم صفق الجمع في باحات مدرستي=لخطبة حرفُُها يرتاح في خَلَدي
كم أغدق الوعد كي يختان صحوتنا=في سكرة لم نزل في لحنها الغَرِدِ
كم كنت في ظلّها كالساذج التهبت=روحي بألوانها كالثائر المَرِدِ
لكنها أمحلت عبر الزمان ولم=تهمِ لنا غيثها والوعد لم يَلِدِ
وصرت في لوعة الآلام منغمساً=في حسرة حاصرت عينيّ بالرمدِ
إذ سار في ظلّها قومٌ بلا هدفٍ=يبغون خلط القِرى بالذلّ والزرد
عيونهم كاللظى يجتاحها شررٌ=كأنّها ماردٌ مستوحشُ الكبدِ
مُحمَرَّة ملؤها حقدٌ غدا شهباً=تسطو على عزمنا في كثرة العَدَدِ
آهٍ... وقد ثارت الذكرى تُنَبِّهُنا=من غفوة قد سرت بالآل والولدِ
كان الثرى مورقاً يومَ انتشى دَمُنا=بالنور في فكرنا والعدل كالسندِ
لكنما بالتراخي بات يَنخُرُهُ=دودٌ فما ينفع الساقي لمحتَصَدِ
بتنا على ضفة الصحراء تنذرنا+بالقحط في قادم الأزمان والمُدَدِ
إنا لَمِنْ مَعشر أفكارهم حَطَبٌ=قد حوصرت في رغيف الخبز والمَدَدِ
عبر الظلام نرى سوطاً ومشنقةً=مجدولة من صنوف الغيظ والنُهَدِ
والعين من شوقها للنور دامعة=قد شاقها بارق لِلُّطْفِ بالجَسَدِ
تصحو على عجزها بين الصرير فما=تختار غير الدعا في ظلمها العَنِدِ
........
حلب ١٩٧٩
من مجموعة: قصاصات على شواطئ الزمن
تعليقات
إرسال تعليق