سوف تشرق الشمس....بقلم الكاتب عبد النبي عياد
سوف تشرق الشمس
في ذلك اليوم من شهر ديسمبر الذي لم تشرق فيه الشمس على سماء الكون . العاصفة رعدية والبرودة جمدت كل الأشياء؛ وهذه الفتاة الصغيرة تحتويها تلك العاصفة خلف جدران أحد المبانى فجسدها يرتعد داخل ثيابها المهلهلة فتنكمش خلف هذا الجدار وحذائها قد عربدته قسوة تلك الأيام العجاف ؛فمجريات الأحداث التى خلفها ذاك الأب قد مزقت شرايينها بعد أن فقدت أمها فسقطت منه في منتصف الطريق ما بين السعى خلف رغباته الشهوانية وبين سقوطه الى الهاوية فلم يشغله يوما التفكير فى البحث عنها داخل تلك الدوامة؛ فأصابعها الصغيرة تستقبل تلك البرودة القاسية من بين فتحات ذلك الحذاء الممزق .
إنها أشبه بزهرة برية صغيرة تذبل قبل أن تتفتح ويكتمل نموها؛ التجاعيد تكاد أن ترتسم فوق جبهتها التى أصبحت تميل إلى الزرقة من شدة البرد فرقائق جسدها لم تكتمل بعد؛ دنوت منها فأمسكت بكفيها الصغيرين وأطبقت عليهما لأفرغ ما بداخلهما من برودة قد جمدت أطرافها ثم حنوت عليها لأبعث بداخلها الدفئ والطمأنينة ولكى تشعر بأن الحياة ما زالت مستمرة. وإذا بها تتعلق بيدى وكأنها قد عثرت على ما تبقى لها فى هذه الحياة فأصبحت وكأن تلك الزهرة قد بدأت جزورها تنموا لتلحق بركب الحياة مرة أخرى؛ فذهبت بها إلى إحدى الحانات فإختارت ما كانت تحلم به من أشيائها البسيطة؛ ثياب جديد يلملم الدفئ بداخلها وحذاء صغير يحتضن أصابعها بداخلة. فحينذاك رأيت الشمس تشرق فى عينيها ثم إبتسمت فتلاشت تلك التجاعيد من فوق جبهتها ...(تمت)
بقلمى.عبدالنبى عياد
تعليقات
إرسال تعليق