سلسلة أضواء على خطبة الجمعة....بقلم الباحث والناقد حسين نصرالدين علي ابراهيم
أضواءٌعلى خطبة الجُمعة : بإيجازٍعلى الرغم من أهمية ِ وثراءِ الموضوع :
خُطبة الجُمعة اليوم المُوافق الثَالثُ والعشْرُون من أغسطس 2024 بمسجدِ(دعوة الحق برأس البر)، اعتلى المنبرالشيخُ/عادل الشامي،بارك الله فيه،عنوان الخُطبة(الأخذُ بأسبابِ القوة لفلاح الأمة)،النصُوصُ من مصادِرِها الطبيعية القرآن الكريم والسُنة النبوية المُكرمة، والصياغة بقلم : حُسَيْن نصرالدين :
مُقدمةٌ : استهل َالشيخُ الكريمُ خطبته بالحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد المُرسلين ﷺ ، أما بعد :
إنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ،وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِأَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَاهَادِيَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنْ لَاإِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ،وَأَشْهَدُأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى ومصابيح الدُجى ومن تبعهم واقتفى وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين،وقال تَعَالَى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّاوَأَنتُم مُسْلِمُون) 102من سورةآلِ عمران،وقال تعالى(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوارَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَالسَّاعَةِ شَيْئٌ عَظِيمٌ)1الحج.
الحمد لله وكفى،والصلاة والسلام على النبي المُجتبى ﷺ ،أما بعد :
(الأخذُ بأسبابِ القوةِ لفلاح الأمة) :
فعليْنا أنْ نأخذَ بالأسبابِ،وأسباب القوة،وكأنها كل شيئ ٍ،ثم نتوكل على الله،وكأنَّ الأسباب لا تُساوي أيَّ شيئ ٍ . قال تعالى في سورة الأنفالِ :(وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (الآية 60 . فإن أمرالتمكين لهذا الدين يحتاجُ إلى جميع أنواع القوى،على اختلافها وتنوعها،ولذلك اهتم القرآن الكريم اهتماماً كبيراً بإرشاد الأمة للأخذ بأسباب القوة وأوجب الله تعالى على الأمة الأخذ بأسبابها،لأنَّ طريقَ التمكين الأخذ بأسباب القوة.
وفي قوله :(مَّا اسْتَطَعْتُم) أي مهما أمكنكم،من أقصى حدود الطاقة،والمُراد بالقوةِ،ما يكون سبباً لحصول القوة،أي بالجهاد،والدفاع عن النفس والزود عن حياض المُقدسات،وكلمة من قوةٍ(نكرة وغيرمُعرفة) ومن رباط الخيل،أي كل مظاهروأساليب القوة وأسلحتها،العسكرية والاقتصادية والإعلامية والأمنية،وغيرها .
فعلى الرغم من كامل إيماننا بأن مفاتيح هذا العالم بيد الله الواحد الأحد،إلا أننا نُؤمنُ في الوقت ذاته أن الله تعالى جعل لكل شيئٍ سبباُ،حكمةُ الله تعالى تقتضي أن يأخذ الإنسان بكل سببٍ مُمكنٍ .
فالتوكلُ على الله عزَّ وجلَّ والأخذ بأسبابِ القوةِ،ونبذ التواكلِ،فنكونَ مُتوكلين وليسنا مُتواكلين .
ولنتعلمَ من أقوى الناس من خلقِ الله رسولنا الكريم ﷺ،قال فيما رواه عنه أبوهريْرة رضيَ الله عنه وأرضاه :(قال ﷺ : المُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ،وفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ،واسْتَعِنْ بِاللَّهِ،ولَا تَعْجَزْ،وإِنْ أَصَابَكَ شَيْئٌ فَلَا تَقُلْ:لَوْأَنِّي فَعَلْتُ كَذَا كَانَ كَذَا وكَذَا،ولَكِنْ قُلْ:قَدَّرَاللَّهُ،ومَا شَاءَ الله فَعَلَ؛فَإِنَّ لَوْتَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
إن سنن الله في كونه وشرعه تُحتم ُعلينا الأخذ بالأسباب كما فعل ذلك أقوى الناس إيماناً بالله وقضائه وقدره وهو رسول الله ﷺ .
فالواجبُ على الأمة الإسلامية اليوم لكي ْ تنهضَ وتترقَّى وتتقدمَ،وتصلَ لأوج ِ مجدها أن تأخذَ بأسباب القوة وتُجاهد َجهاداً قوياً في سبيل تحقيق استقرارها وأمنها وأمانها وسيادة أراضيها، واستعادة مُقدساتِها .
وما غزوات الرسول ﷺ المُظفرة إلا مظهرٌمن مظاهرإرادته العليا التي تجري حسب مشيئة الله وقدره،فقد أخذ بالقوة والحذروأعدالجيوش،وبعث الطلائع والعيون وظاهربيْن درعيْن،ولبس المُغفرعلى رأسه،وأقعد الرماة على فم الشعب،وخندق حول المدينة،وأذن في الهجرة إلى الحبشة وإلى المدينة وهاجربنفسه واتخذ أسباب الحيطة في هجرته،أعد الرواحل التي يمتطيها والدليل الذي يصحبه وغير ذلك الطريق،واختبأ في الغار،وكل هذه من أسباب الأخذ بالقوة .
وما أحوج المُسلمين اليوم إلى أن يُحَّصِّلوا كل أسباب القوة،فهم يُواجهون نظاماً عالمياً وقوىً دوليةً لا تعرف إلا لغة القوة فعليهم أن يقرَعُوا الحديد بالحديد،ويقابلوا الريح بالإعصارويقابلوا الكفر،وأهله بكل ما يقدرون عليه وبكل ما امتدتْ إليه يدهم،وبكل ما اكتشف الإنسان ووصل إليه العلم في هذا العصر من سلاح ٍوعتادٍ واستعدادٍ حربيٍ،لا يُقصرُون في ذلك ولا يُعجزُون .
وقال تعالى في سورةِ الكهفِ في قصة ذي القرنيْن:(* قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَن تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا * آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا * فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِّن رَّبِّي فَإِذَا جَاء وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاء وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) (94 ـ 98).
فقد وازن ذو القرنين بين الأسباب التي أتاحها الله له واتبعها واستقصاها،وقرن بما انطوى عليه من أسبابٍ معنويةٍ،وما كان عليه من إيمانٍ وتقوى وعمل صالح في قوله في ختام الآيات، فاجتمعت له الأسباب الظاهرة والباطنة فكان له التمكين والغلبة ونفع الناس وإعانتهم . فلنتعلمَ من الاهتمام باتخاذ الأسباب لبلوغ الأهداف والغايات التي نسعى إليْها،وسيأتينا اللهُ من كلِّ شيئ ٍ سبباً.
ولا ننسَى الدُعاءَلإخوانِنا المُجاهدين في غزةالباسلة وفلسطين الأبية اللهم ارحم شهداءَهم الأبرار، وانصرْهم المُجاهدين على عدوالله وعدوهم وعدونا،اللهم آمين،والصلاة والسلام على أشرفِ المُرسلين سيدنا محمدٍ ﷺ وعلى آله وصحبِه أجمعِين .
أحسن الشيخ الكريمُ وأجادَ ، وإلى جمعةٍ قادمةٍ إنْ شاء الله إنْ كان في العمرِ بقية ً .
تعليقات
إرسال تعليق