مسرحية اَدم وحواء والشيطان...بقلم الكاتب ناجي السمباطي
**مسرحية آدم وحواء والشيطان:الحلقة الثانية والأخيرة من الفصل الأول
** بقلم : د.ف(دكتوراة فخرية ) :/ ناجى عبدالسلام السنباطي
**ملخص ماسبق: يحاول الشيطان الولوج الى آدم من خلال حواء حتى يقعا في الخطيئة وهى بالطبع مخالفة لتعليمات الله جلت قدرته
***********************************************
*الحلقة الثانية من الفصل الاول (تبدأ بالمشهد السادس)
*********************************************** ***مسرحية(آدم وحواء والشيطان ): من وحى الخيال وفيها عظات عديدة
**********************************************************
**بقلم: د.ف(دكتوراه فخرية):ناجى عبدالسلام السنباطي
********************************************
**مسرحية من تأليفي نشرت في كتاب نظرات أحباب الصادر في الكويت عن المطبعة الأهلية عام 1980 ولطول المسرحية للنشر الرقمي سأقسمها إلى حلقات(عرضت المسرحية على المخرج الكويتي عبدالعزيز المنصور في حينه وطلب تعديلات قمت بها لعرضها على خشبة المسرح ولكن مرضى وسفري لمصر حينئذ اوقف عرض المسرحية والمكتوب هو النص الأصلي قبل التعديل المشار إليه
((تنتقل الإضاءة إلى موقع آدم... ويمكن للمخرج أن يقوم بعملية ترتيب الأضواء وتوزيعها وتحريكها وتوزيعها وتحريكها حسبما يتراءى له... وحسب طبيعة الموقف))
المشهد السّادس
"تتحرك حواء من مكانها... تتجه نحو آدم... تجلس على مسافة قصيرة... في جذع الشجرة المجوفة... المسرح في شكل هادئ... آدم في شكل... اغفاءة
حواء: أنت نائم؟!
آدم: ماذا تريدين يا صغيرتي؟
حواء: لا تناديني... صغيرتك...!!
آدم: ماذا تريدين... يا محبوبتي؟؟ أراك كبرت دون أن أدري!
حواء: حسنًا... هناك بعض الأفكار... تراودني.
آدم: أيّة أفكار عزيزتي.
حواء: أريد أن... أن... أن...
آدم: أن... ماذا؟!
حواء: أريد أن تقبلني!!
آدم (يهب فزعًا من اغفاءته وهو يصرخ): أيّة قبلة؟
حواء: قبلني... قبلني... أعطيني الحنان... أعطيني السّعادة!!
أعطيني... الحياة... إنه حقي ألست زوجتك؟!!
آدم: بلى ولكن من علمك هذا؟؟!!
حواء: علمني... علمني... علمني
آدم: الشّيطان...!!!!!!!!!!!!!!!!!!
حواء (متلعثمة): نعم... هو بعينه... نعم... قال لي... قالي لي... عن أشياء كثيرة... سامحني يا ربي... ساعدني يا آدم.
آدم: فليسامحك الله وليساعدك ولكن يا حبيبتي ألم أحذرك.. ألم أكرر التّحذير... حذار يا حواء من الشّيطان... حذار يا حواء منه... إنّه كالخدر يسري في الدّماء... كالسحر يخدر الأنام... لكنّك تنسين... تنسين بسرعة!!
حواء: انسي... أنا لا أنسى... لكنك الَّذي تتجاهلني... لم تعلمني لو علمتني... ما ضحك الشّيطان عليّ... لو علمتني أن القبلة حلوة... وأنني زوجتك... ما جاءني الشّيطان... يوسوس في نفسي وفي بدني وفي كياني!!
آدم: إذن أنا السّبب!!
حواء: لست السّبب ولكنّك مهدّت له... فأنت لا تسعدني... فحتَّى اليوم لا تقبلني... أنت زوجي ولي حقوق
آدم: أنا لا أنكر... ولكن أخاف عليك الفتنة!!
حواء: إذن ساعدني... بعيدًا عن هذا الشّيطان.
آدم: سأحاول.
حواء: إذن قبلني.
آدم: استغفر الله.
حواء: حلالك.
آدم: لكن.
حواء: لكن ماذا؟!
آدم: على أمرك يا زوجتي العزيزة... تعالي اليّ
حواء: آتية إليك يا حبيبي...
آدم: خذي ما تتمنين.
حواء: ليس كذلك... بل كذلك!!!
آدم: يا للهول...!!!!!!!!
(((المسرح... في أضوائه الجميلة وآدم وحواء يتلاقيان... ويندمجان!! وصوت الشّيطان... يقهقه... بعيدًا...
آدم وحواء... يأخذان بعضهما البعض... إلى نوم هادئ.. إضاءة المسرح تبدأ في الخفوت تدريجيًا وموسيقى رتيبة فتلاشى لضوء المسرح... ثمّ تدخل الإضاءة... بطيئة فمتوسطة... فسريعة... علامة ظهور الضوء وتلوح من بعيد تباشير الصباح.
(قامت حواء تتريض... بعد هذه الليلة وتعقبها الشّيطان)))
حواء (تقولها وهي ترفع ذراعيها علامة الَّذي يطرد بقايا النّوم):
*يا لسعادتي... أشعر اليوم وكأني أطير!!
إبليس: أراك اليوم سعيدة...
حواء: أنت!!!!
إبليس: ومن يكون غيري؟ لعل كلامي أفاد.
حواء: أفاد.... عجيب...
إبليس: أرى البشر يطفح على وجهك...
حواء: هذا شأني... لا يخصك...
إبليس: أرى في عينيك... الحبور.
حواء: ومالك أنت وعينايّ.
إبليس: إذن هو التغيير!! أرى آدم أسعدك.
حواء: ابعد أيّها الشّيطان.
إبليس: أراه علمك معنى القبل!!
حواء: وماذا يضير؟!!
ألست زوجته؟!
إبليس: أنا لم أقل إن هناك ضرر. أنا أردت أن أثبت لك أن هناك سعادة أعظم حتَّى من القبل!!!!!!!!!!!!
حواء: كفاك لعبًا بي... إن القبلة قمة السّعادة!
إبليس: لا... إنّها بداية... هناك السّعادة الأبدية!!!
حواء: وكيف أحصل عليها؟!
إبليس: إنّه شيء سهل وصعب.
حواء: كيف يكون ذلك؟
إبليس: هذا يرجع إليك.
حواء: قل لي...
إبليس: لكن لن أقول... لن أقول قبل أن تتخلصي من أفكارك... أفكارك عني... أفكارك أني أسمم أفكارك... أني شيطان...!!!!!!!!!!!!
حواء: وهل هناك شيطان خبيث وآخر شريف؟!
إبليس: أنت الَّتي تصفين وتفرقين وتجمعين... وتشبهين... على كل حال... خبيث أو شريف.. فهذا اللقب فخر لي وشرف لي وشرف لي أن أكون شيطان!
حواء: تشرّفنا ...!
إبليس: لكن يبقى شيء واحد... وحقيقة واحدة...
حواء: ما هو... ما هي...؟!!
إبليس: هو أو هي... أنني أسعدك بأفكاري!
حواء: مدهش... عجيب.. أشجيني...!
إبليس: إذن اتفقنا.
حواء: على أيّ شيء؟
إبليس: على أن أسعدك!
حواء: وماذا يصيبك من السّعادة؟!
إبليس: يصيبني الكثير.
حواء: لكنني لست... شيطانة.
إبليس: لم أطلب منك أن تكوني شيطانة:
حواء: ماذا تطلب مني إذن؟!!
إبليس: أن تكوني أنثى!!
حواء: أولست أنثى؟؟!!
إبليس: أنثى.. لكنك لا تشعرين... لا تشعرين بها.
حواء: أيّ شعور؟!
إبليس: مثل شعور القبلة وأكثر مرات!!
((يترك الكلام بطيئًا وعميقًا حتَّى يؤدّي التّأثير المطلوب ثمّ يسترسل الشّيطان))
يا عزيزتي... الأنوثة شيء والشعور بها شيء آخر.
حواء: ما هو الحل؟!
إبليس: الأكل من الشجرة..
حواء: الشجرة اليافعة؟!
إبليس: نعم... الشجرة اليافعة؟!
حواء: المحرمة علينا...
إبليس: نعم المحرمة علينا.
حواء: يا لخبثك... تعرف أنّها محرمة... وتدفعني إليها... لا... لا... لا.
إبليس: أعرف... يا ساذجة... أعرف ولكنّها شجرة الحياة شجرة النعيم...!! شجرة الأنوثة...!! القبلة شيء بسيط... مما فيها... فيها... فيها وهج الحياة وبريقها.
(يقولها إبليس بخبث).
حواء: لكن لمَ التّحريم.. وفيها... وفيها ما تقول؟!
إبليس: حكمة الله.
حواء: إذن لماذا أعصي؟!!
إبليس: إنك لن تعصي... بل ستأخذين القليل...!!
حواء: القليل مثل الكثير.
إبليس: يا لك من غبية... خذي القليل... ثمّ استغفري الله... جل شأنه يغفر الذنوب...!!
حواء: يا إلهي اغفر
إبليس: هذا حسن... يا فتاتي.
حواء: لكن آدم عنيد.
إبليس: عليك بالحيلة.
حواء: وكيف السبيل؟!!
إبليس: أنت أنثى على الطريق!!
شغلي جزءًا من مواهبك حتَّى تأتي كل المواهب المختفية!!
حواء: آه منك يا شيطان... أحاول
إبليس (بخبث): ولي الحلاوة!!!!!!!!
حواء: إن شاء الله لك جهنم!!!!
إبليس: المهمّ... النتيجة.
حواء: سأحاول.
((تعود حواء وتتابعها الأضواء... تصل إلى مكان آدم... (وبعد أن فرغ آدم من عبادته... حواء تحاوره))
المشهد الثّامن
حواء: حفظك الله ورعاك.
آدم: أشكرك... ولكن أيّن كنتِ؟؟!!
حواء: كنت أتمشى... وقابلني.
آدم: الشّيطان!!
حواء: نعم
ام: ألم أحذرك ...؟!
آدم: وماذا أخبرك؟!
حواء: لم يخبرني شيئًا... لكنّه حاول أن...
آدم: حاول ماذا؟؟!!
حواء: حاول أن يشاغلني... أن يذهب عقلي...
آدم: ماذا... إنّها لأعجوبة!!!
حواء: قال.. كلامًا جميلًا لم تقله.
آدم: عجبي لك يا حواء... ما هذا الهراء؟؟!!
إني أقول لك... كل الكلام...
لم أترك كل أهازيج الجمال... إلّا حدّثتك بأشواقها
أقولك... حتَّى الَّذي لم يخطر على بالي... خطر!!
حواء: لكن هناك أشياء لم تقلها؟
آدم: مثل ماذا؟؟!!
حواء: هذا لا يذكر ولا يحفظ وإنما يأتي بالسليقة.
آدم: أحاول... أن أتعلم.
ولكن اتقي الله... يجعل لك مخرجًا ولي.
حواء: هذه حقوقي الَّتي شرعها الله.
آدم: أعرف ذلك.
حواء: ثمّ هناك شيء آخر.
قال لي أن هناك امرأة أخرى في حياتك!!
ليس فقط... قال بل كثيرات!!!!!!!!!!!
آدم: كيف يكون ذلك؟؟!!
حواء: قال من يهملك... يعني أن هناك أحسن منك.
آدم: ولكنك حواء الوحيدة!
حواء: من أدراني... قد تكون هناك أخريات.
آدم: من أيّن؟؟!!
حواء: من جراب الحاوي!!
آدم: وكيف؟!
حواء: ضلوعك يا آدم... ضلوعك...!!
أنا من ضلع... وباقي الضلوع ماذا عنها؟!!
آدم: أن خيالك قد شط بك ولعب الشّيطان برأسك.
حواء: لن يثبت كذبه إلّا إذا...
آدم: إذا ماذا؟؟!!
حواء: أن تأخذني... ونتلاقى... بالقرب من الشجرة
الشجرة اليافعة... وتقطف لي من ثمارها...
((ينتفض آدم... وتصور الموسيقى... طبيعة الموقف)) ...
آدم: لكن الله جلت قدرته... قد حرّمها علينا.
كيف بالله عليك... نخالف ما أمرنا به...
كيف بالله نخون الأمانة...
حواء: لا تخف يا حبيبي.
آدم: لا وألف لا.
حواء: لم أقل نخالف... بل أقل نتذوق طعمها... مرّة واحدة!!
آدم: لا وألف لا... كلّها مخالفة... كلّها خطيئة.
((حواء في حركات مغرية... تتقرب منه والشّيطان متداخل في هذه الحالة وإن كان لا يظهر... يشجّع حواء... ويمنّى النّفس لآدم))
حواء: لا تخف يا حبيبي!!
إنّها محرمة لأشياء... ليست كلّها موجودة... يكفي قطعة بسيطة... من فرعها! من جذعها! يكفي ثمرة واحدة! جزء منها!!!
لنرى الحياة... لنرى السّعادة... لنرى الدّنيا
آدم: حواء... أرجوك... استغفري الله... استعيذي به من الشّيطان... فالشّيطان قد غرر بك.
حواء: إنّني أستعيذ بالله ليلي ونهاري...
لكن الثمرة جميلة... يقول مذاقها حلو... حبيبي هي ثمرة أو جزء منها ولن نعود إلى هذا!! إذا كنت تحبني حقًا.. اقطف لي واحدة! واحدة فقط! واحدة تكفي! وأقل منها يكفي! وسترى يا حبيبي... سترى... كم أحبّك! سترى أنني زوجتك المخلصة... يا حبيبي... اللانهائي!!!
آدم: لكن يا حواء!!
حواء: لا داعي لكلمة لكن... ليس أمامنا غير بحر الحياة تطل منه السّعادة
آدم (باستسلام): حواء... لكن... حواء... لكن... سأحاول... وليغفر الله لي
((موسيقى حزينة... بطيئة... رتيبة... بصوت خشن حيث يقدم آدم على الخطيئة)).
المشهد التّاسع
((آدم قطف من الشجرة ثمرة وأكلها هو وحواء... وهنا على المخرج أن يعطي مؤثرات صوتية... كالزلزال أو البرق وأن يجعل الأضواء تتشابك مع تغيير الإضاءة بعدة ألوان وموسيقى سريعة كالغول!! سريعة تبيّن مقدار الزلل والخطيئة الَّتي تمت... ومع ضحكات الشّيطان يحدث نفسه... يضحك بصوت عالٍ... ثم يخفض صوته فيصير كفحيح الأفعى... فرحًا في الحالتين بما حقّقه، ولكنّه فرح مؤقت فسرعان ما ينتقل إلى حالة أخرى خائفًا يرتجف من العقاب السماويّ!! وبالتّالي فالمشهد يرينا آدم في حالة أخرى.. وحواء لا تقل عنه فزعًا فهما نادمان.
آدم يبكي من النّدم ويستغفر... ويستغفر... وحواء تبكي وتندب سوء ما قامت به.
**المخرج يحاول أن يضع الصّورة المناسبة للحالة... وكيف أن الخطيئة كشفت سوءات آدم وحواء ومحاولتهما تغطية عورتهما بورق التوت أو بأيّ مانع للرؤية، وليكن ورق شجر أخضر كبير... ويمكن أن يكون الملبس من الورق الأخضر الصناعي كبير الحجم يختاره المخرج، في الوقت ذاته صوت الضمير يأتي من بعيد قويًا معبرًا))))
صوت الضمير: ماذا عن هذا يا آدم...؟!! ألم يحذرك الله؟
آدم (بتلعثم واضح): نعم... لكنّه...!!!
صوت الضمير: لكنّه... الشّيطان!! ألم يحذرك الله؟!!
آدم (بصوت خائف نادم): حذرني وتمسكت بالتحذير... لكنّها!!!
صوت الضمير: حواء... حواء.
حواء: غرر بي الشيطان!!!!!!!!
صوت الضمير: أنت غرر بك الشيطان وغررت أنت بآدم...!!!!!!
((آدم وحواء في حالة ندم شديد وبكاء من القلب... ودعاء من الله بالغفران))
صوت الضمير: استغفرا الله... إنّه رحيم... إنّه غفور...
(("يغفر سبحانه... لعبده المخطئ ولزوجته المخطئة ويأمرهما بأن يهبطا إلى الأرض عقابًا لهما... يسكنان فيهما... هما وذريتهما يتقاتلون ويتعارفون ويتباعدون ويقتربون ويفترقون... حتَّى يوم القيامة"
"يدخل الشيطان إلى دائرة الضوء قليلًا... يضحك... ضحكات خبيثة")).
يحدّث آدم وحواء
*إنّه الإغراء يا آدم... الإغراء يا حواء... يا بني آدم... الإغراء... هابطون إلى الأرض... حتَّى يحين الميعاد... قاتلون... ومقتولون حتَّى تأتي السّاعة... تتكاثرون وتعيشون وتموتون... حتَّى تحين اللّحظة.
وأنا معكم... لكم ولذريتكم... وذريتي من بعدي... نغريكم ونلهيكم.. نبعثر إيمانكم فمن تزعزع الإيمان في قلبه... وقع في شراكنا..
نشتت عقولكم... نقربكم... ونبعدكم... أنا ابليس ومن يتبعني!!!!!!...
(((يبتعد الشيطان ضاحكًا... وآدم وحواء يبكيان... ويصور المخرج محاولة النزول مع موسيقى حزينة... وأضواء نارية فقاتمة فضاربة مع ضحكات الشيطان وبكاء آدم وحواء... وينزل الستار مع غروب الأضواء بانتهاء الفصل الأوّل))).
*****************************************************
** د.ف(دكتوراة فخرية ) :/ ناجى عبدالسلام السنباطي
**كاتب صحفي مستقل
**رئيس تحرير مجلة صوت السرو المطبوعة والرقمية
(نشرة غير دورية)(1983/2024)
**صحفي بمجلة عالم الفن الكويتية(79-81).
**مراسل لمجلة السينما والناس المصرية بالكويت 1982
**عضو هيئة خريجي الصحافة ج. القاهرة 1885/2024
تعليقات
إرسال تعليق