خيالات العزلة....بقلم الشاعر محمد موفق العبيدي
خيالات العزلة
ما حدث يحتاج إلى تفسير
أربعون عاما لم يوقفني إلا وجهها
أنيقة سمراء تقف في محطة القطار
أخذت كل جمال الوجوه
صار المسافرون بلا ملامح
تقدمت إليها كطفل يقتله الفضول
تسمرتُ بجانب حقيبتها
فرسان خيالاتي في كبوة
بهرتهم أميرة خرجت من المجهول
سألتني بارتباك أحرج الخدود
من أنتَ..؟
نسيت من أنا..!
أنا لا أتذكرني..!
أتذكر أني عشت على هوامش كثيرة
أوزع رسائل القلوب في مكتب البريد
حياتي دراجتي و أكياس رسائل
ألحظُ ألاف المشاعر في الوجوه
لكل رسالة لوحة في وجه المستلم
وزعت ألاف الرسائل ولم ارسل رسالة واحدة
أنا أعرف الحب ولكن لم اعرف حبيبتي
دوامات الوحدة تعبث بي
لم أعرف سوى طابور العمل والتجنيد والتسوق
ليس لي إلا أمي عجوز تنتظرها الأيام
نسكن في تركة والد غادرنا ولم يعد
أمراض الفقر أخذت أخوتي إلى اللاعودة
لم يبق سواي وامي وتركة أبي
أنا خادم أمي في الصباح
والطبيب السمير في المساء
أحببت الكثير من النساء
كانوا صورا على أغلفة مجلات الأزياء
رفضتني الكثير من الأبواب
عزلتي هي حبيتي التي تعيش معي
وأنتِ اليوم غلبتيني وغلبتٍ عزلتي
ترى من أنتِ..؟
أنا عرفتكَ وأنتَ لم تعرفني
إستلمتُ منكَ رسائلاً كثيرة
حبيبي يشبهكَ من بعيد
أطير إلى الباب لأستلم الرسالة
أختلق أعذاري لأسرق منكَ نظرة
اليوم يعود وغداً سيجمعنا الزواج
قلت لنفسي هذا هامش اخر
درس قدري من الحظ العاثر
أستأذنكِ سيدتي
لألحق عزلتي التي ركبت القطار
ضربت عجلات قطاري السكة بقوة
أنطلق وتلاشت المحطة وكل شيء
كأمالي التي ظننت أنها في المحطة
مرة أخرى تضحكُ الدنيا مني
هل صورتْ حبوبي المهدئة هذا المشهد
بحثت عن حبوبي المهدئة
لم أجد سوى رسالة الطبيب
فهل كانت حلم أم هي الحقيقة
هذا ما سيخبرني الطبيب
محمد موفق العبيدي.
تعليقات
إرسال تعليق