سنة سعيدة.. بقلم الكاتب/أحمد انعنيعة
سنة سعيدة
في بعض المناسبات،يتلاعب القلم بالكلمات..يكتبها أحيانا بابتسامة وارفة وأحيانا أخرى يشطب عليها بقساوة لا مثيل لها..يرفعها .. ينصبها .. يسحبها أو يجزمها .. لتخرج أصوات القواميس بأزيز لغاتها القديمة وهي تمرغ أنفك على صفائح الورق الخشن .. تراه يمشي تارة على الورق فرحا يلهو وفي أخرى تراه يزبد ويرغو ..لينهي قوله ببقعة كبيرة سوداء حين يستشيط غضبا ،ويعلو صوته ، ويفقد بشاشته ..
كل العالم من حولنا، يعيت اليوم في الأرض مرحا..تهافت الناس يقتحم الفنادق أو المنازل في كل مدن العالم.. كلهم يتسارعون وبدون انقطاع .. لهم الرقص والغناء بلا هوادة .. اليوم بدأ الناس يحبون بعضهم البعض .. لا كره والبغضاء .. يسيلون الكثير من المداد في ديوان كل حروفه من ذهب ليسجل التاريخ كلام أحد الشهود منهم وهو يردد بلا انقطاع..صديقاتي العزيزات .. أصدقائي الأعزاء..أشكركم على حضوركم العطر..وأتمنى لكم سنة سعيدة..ارفعوا أصواتكم حتى يسمعكم كل العالم .. لا تخفضوا أصواتكم حتى لا تبلعوا ألسنتكم .. أنتم هنا في منأى عن شرور الحياة .. وأنتم هنا لم تولدوا من نار .. انعموا بما فضلكم الله على غيركم من نعمه واربطوا حوائجكم بالله يغفر لكم ..فلا طريق يليق بكم اليوم إلا الترويح عن أنفسكم..إنه الطريق الذي لا منحى له إلا أنتم ، إلا ذاتكم ،وهو الطريق الذي ينزع عنكم ثقل الذات ويخلصكم من نرجسيتها التافهة ،الطريق الذي إذا سلكتموه ، نسيتم أنكم هنا ..امرحوا واصدحوا .. انسوا قشور الحياة .. انسوا المطارح ومزابل وكل المشاريع الواهية .. انسوا ذباب القشلة أو السانترفيل .. الأحياء القصديرية والشوارع ضيقة في الاحياء الشعبية القديمة .. انسوا البيع والشراء في مزابل الجوطية..انسوا ذبائح الجزارين ورائحة أدخنة العظام التي تزكم الأنوف..هنا لن تختاروا مرة أخرى اسماء الأطفال المتشردين.. سيكثم الوطن سر كل الناس..واتسمعوا الى الشهقات الطويلة التي تنفلت من أفواه المنعمين منكم ..
لا يمكن لقلم أن يسرد كل شيء..لذا يوجد في عالمنا الكثير من الكتاب والشعراء..نعم،قد تقف وسط الطريق طويلا وأنت تنتظر قولا جميلا أو كلام خير لتفتح ذراعيك للغير..لكن العالم الحديث الذي تنتظره ليس عالما أملسا .. إنه عالم برحم اصطناعية تهرس الذات بطريقة ممتعة .. عالم يبدو ڨطنا أملسا لكنه شفرة حادة .. وقد تحس فيه أنك فقط عصفور يتحلق خارج أسوار سجن رغم أنف السجان...وتستنتج أخيرا أنك لست إلا نطفة هاربة من سجون الاحتلال ..
أحمد انعنيعة
تعليقات
إرسال تعليق