سلسلة أضواء على خطبة الجمعة ...الباحث والناقد حسين نصرالدين علي ابراهيم.
أضواءٌعلى خطبة الجُمعة : بإيجازٍعلى الرغم من أهمية ِ وثراءِ الموضوع :
خُطبة الجُمعة اليوم المُوافق السَادِسُ من سبتمبر2024 بمسجدِ(دعوة الحق برأس البر)، اعتلى المنبرالشيخُ/أحمد الشرايدِي،بارك الله فيه،عنوان الخُطبة (هيَّأَ اللهُ عزَّوجلَّ مكةَ المُكرمة لميلادِ النبي ﷺ وبعثتِه)،النصُوصُ من مصادِرِها الطبيعية القرآن الكريم والسُنة النبوية المُكرمة، والصياغة بقلم : حُسَيْن نصرالدين :
مُقدمةٌ : استهل َالشيخُ الكريمُ خطبته بالحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على سيد المُرسلين ﷺ ، أما بعد :
إنْ الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ،وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِأَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَاهَادِيَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنْ لَاإِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَاشَرِيكَ لَهُ،وَأَشْهَدُأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،وعلى آله وأصحابه أئمة الهدى ومصابيح الدُجى ومن تبعهم واقتفى وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين،وقال تَعَالَى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّاوَأَنتُم مُسْلِمُون) 102من سورةآلِ عمران،وقال تعالى(يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوارَبَّكُمْ ۚ إِنَّ زَلْزَلَةَالسَّاعَةِ شَيْئٌ عَظِيمٌ)1الحج.
الحمد لله وكفى،والصلاة والسلام على النبي المُجتبى ﷺ ،أما بعد :
(هيَّأَ اللهُ عزَّوجلَّ مكةَ المُكرمة لميلادِ النبي ﷺ وبعثتِه) :
حينما يُريدُ اللهُ عزَّوجلّ شيئاً فإنما يقولُ له:كنْ فيكون،فقلد مهَّد َ الله عزَّوجلَّ أرض مكة المُوحشة المُقفرة لميلاد النبي ﷺ ثُم بعثته في أقفرِغارٍوأكثروحشةٍ وهوغارحراء،بعدما ظهرت له دلائلُ وعلاماتٌ تُهيّئهُ لأمرالنبوّة العظيم،فقد ورد عن أُمِّ المُؤْمِنِينَ عَائِشَة رضي الله عنها أنَّها قالت : (أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ ﷺ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ،فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ،ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ،وكانَ يَخْلُو بغارِحِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه وهو التَّعَبُّدُ اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلى أهْلِهِ)وكان ﷺ يحبُّ أن يَختليَ بنفسِه ويعتزلَ الناس،ليبتعدَ عن الباطل وأهله،وكان يصعدُ إلى غارحراء ليتعبَّدَ فيه ويلبث هناك عدّة أيام يتفكّر فيها في خلق الكون ويتأمَّله،وينظر إلى البيت الحرام من هناك،وعندما يقع في نفسه الشَّوق يرجع إلى أهل بيته،وهذه من دلائل نبوّته،كما أنَّه كان لا يرى مَناماً إلاّ ويتحقّق كما رآه؛وفي ذلك دِلالةً على أنّه يتجهز للنبوّة وأنّه ليس كبقيّة البشر .
كما مَهَّدَ اللهُ عزَّوجل لمولدِ رسولناالكريم ﷺ ثُمَّ بعثتِه منذ تحطيم سيدنا إبراهيم عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام للأصنام للكفاروالمُشكرين في العراق،فقامَ المُشركون بجمعِ الحطبِ من كلِ صوبٍ وحدب لحرق إبراهيم الخليل ﷺ ،لأنه كان يعبدُ الله تعالى وحدَه لا شريك له ودعا المُشركين لذلك،فرفضوا، فتوعدهم إبراهيم،فأعدوا لهم ما أعدوامن نارٍ،فقرروا مُحاكمته على فعلتِه،فصنعوا حفرةً كبيرةً ووضعوا بها كل هذا الحطب،وأضرمُوا فيه النار، فتأججتْ وعلا لها شررٌ لم ْيشاهدوا مثله من قبل،ثم وضعوا إبراهيم وهو مُقيدٌ في كفة منجنيق،وأخذ سيدنا إبراهيم يرددُ دُعاء ًيدعو به إلى الله تعالى قائلاً (لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين، لك الحمد ولك الملك لا شريك لك)،ثم قام المُشركون بإلقائه في النار،فقال :(حسبنا الله ونعم الوكيل)،وذلك كما روى البخاري عن ابن عباس،وجميعنا نعلمُ من القرآن الكريم،كيف نجَّاه الله عزَّوجلَّ وجعلها أي النار برداً وسلاماً عليه .
كما نعلمُ بعدهجرة إبراهيم ﷺ إلى مكة المُكرمة وكانتْ مكاناً قفراً غيرذي زرعٍ،لا يرتادُه إلا الضواري والسباع،ولا يعيشُ فيه إنسانٌ،فجعله الله عزَّوجلَّ بماء زمزم واحةً غنَّاء وأرضاً مُقدسة يزورها الحاجُ والمُعتمر،والذاكرين الله كثيراً والذاكرات .
فكانتْ كل هذه التهيئة من الله عزَّوجلَّ لمولده ﷺ،ولِمَ لا .؟ ولقد اختصَّه الله دون غيره من الرسل بفضائلَ وخصائِصَ ومُعجزاتٍ كثيرةٍ،تشريفاً وتكريماً له،ما يدلُ على جليل قدره،وعُلوِ منزلته عند ربه،فهوأعظم الناس خُلُقا،وأصدقهم حديثًاً،وأحسنُهم عفواً،خيرمن وطئ الثرى،سيد ولد آدم، وأولُ من تنشقُ عنه الأرض،وأول من تُفتح له الجنة،قال عنه ربُّه عزَّ وجلَّ:(وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) الشرح :4،وقال:(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(القلم : 4، وقال عنه أبو هريرة رضي الله عنه :(ما رأيت شيئًا أحسن من رسول الله ﷺ،كأن الشمس تجرِي في وجهِه)،وقال عمُّه العباس عن مولده ﷺ :
وَأَنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتِ الأَرْضُ .. وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ ..
فَنَحْنُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ فِي الضِّيَاءِ .. وسُبْلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ ..
حادثة ُ الفيل،وعام الفيل،وهو العام الذي وُلدَ فيه ﷺ :
هذه الحادثة مشهورة وثابتة بالكتاب والسنة،والتي حاول فيها أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة،وقد ذكرسُبحانه هذه الحادثة في كتابه الكريم، فقال:(أَلَمْ تَرَكَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) سورةالفيل :1-5 . وهذه من النعم التي امتَّنَ الله بها على قريش فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل،الذين كانوا قد عزمُوا على هدم الكعبة ومحوِ أثرها من الوجود،فأبادهم الله،وأرغم آنافهم،وخيب سعيهم،وأضل عملهم،وردهم بشرِّخيبة،وكانوا قوماً نصارى .
فكانتْ هذه التهيئة توطئة ً لمبعث رسول الله ﷺ ،ثم كان،رفع وإقامة البيت،بيت الله الحرام ،الكعبة المُشرفة المُطهرة المحفوظة بإذن الله تعالى .
عن لقمان بن عامر قال سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَة يقولُ :(قُلْتُ يَا نَبِيَّ الله ما كان أَوَّلُ بَدْءِ أَمْرِك؟قال: نعم، أنا دعوة أبي إبراهيم،وبشرى عيسى،ورأتْ أمي حين حملت بي أنه خرج منها نورٌ أضاء لها قصور الشام) رواه أحمد والحاكم وصححه الألباني،وهذا إشارة إلى ما يجيئُ به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض،وأزال به ظلمة الشرك منها،كما قال تعالى:(قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (المائدة :15-16، وقال تعالى: (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(الأعراف :157.
لقدْ كانتْ مكة على موعدٍ مع أمرٍعظيمٍ سيظلُ يُشرقُ بنوره على الكون كله إلى أن ْيرثَ اللهُ الأرض ومَن عليها،بمولده ﷺ ، الذي كان نذيراً بزوال الشرك والظلم،ونشرالتوحيد والعدل بين الناس،بشروق مولده .
ثم كانتْ هجرة النبي ﷺ ،وتحطيمه الأصنام بالكعبة المُشرفة،ثم بناء الدولة الإسلامية والمُجتمع المُسلم في يثرب(المدينة المُنورة)،(إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ الآية 40 من سورة التوبة
ولنا أنْ تستخلصَ من سيرة النبي الكريم ﷺمن حكمة ٍ بالغةٍ تُفيدُنا في فهم هذا الواقع الذي نعيشُه، ونعيش فيه انكسارأمة الإسلام وضعفها،وتكاثرمصائبها،وتكالب أعدائها عليها،وتخاذل أبنائها،بل خيانة وتخاذل الكثيرمنهم،وتنكرهم لدينهم ولأوطانهم ولأمتهم .
والواجبُ هو القضاء على أمةِ اليهود وحلفائهم الأمر يكان الذين يتحكمُون في مصيرِالبشرية والمُجتمعات المُسلمة ،ومُؤامرتهم التي لا تنتهي،والله غالبٌ على أمره،ولكنَّ أكثرالناسِ لايعلمُون.
إنها بلا شك أحداث جسامٌ ونتائجها ستكون قاهرة،وإذا أراد الله أمرا ًهيَّأ له أسبابَه ويسرَّها:{إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}.
ولا ننسَى الدُعاءَلإخوانِنا المُجاهدين في غزةالباسلة وفلسطين الأبية اللهم ارحم شهداءَهم الأبرار، وانصرْهم المُجاهدين على عدوالله وعدوهم وعدونا،اللهم آمين،والصلاة والسلام على أشرفِ المُرسلين سيدنا محمدٍ ﷺ وعلى آله وصحبِه أجمعِين .
أحسن الشيخ الكريمُ وأجادَ ، وإلى جمعةٍ قادمةٍ إنْ شاء الله إنْ كان في العمرِ بقية ً .
تعليقات
إرسال تعليق