منتصف الليل....بقلم الشاعرة والاديبة سرى شاهين
منتصفُ الليل
دخلتُ غُرفتهُ ، وكان الليلُ ينتصف ، والوحشةُ الشتويةُ مع غيابِ القمر ، تُوزعُ جنودها في كلِّ أرجاء الطرقاتِ والأنفسِ..
كان يتململُ بينُ كتابٍ ذو غلافٍ احمرٍ سميكٍ ، بدون عنوانٍ على الغلافِ، وبينَ كأسهِ الغارقِ بما فيهِ..
لم أُحِب أن اجرحَ هذا السكون الخشن الجميل بأيّ سؤالٍ مُعتادٍ بيننا..
(( أينَ كُنتَ اليوم ؟. لما لم أراك ؟ .ماذا فعلت اليوم ؟ ألخ...))
وأنا دخلتُ وجلستُ بجانبهِ ، وهو ينظرُ إليَّ بِحزنٍ ويُشعلُ سيجارةً ، بينما سيجارة أمامه في الصَّحنِ تُصدِرُ دُخاناً خفيفاً ، تُنَبهني إلى أنَّهُ أهملها ولم يُدَخنها ...
كانت ورقةً مرميةً بجانبِ ركبتهِ وهو يجلسُ التَّربيع ، أخذتُها وقرأتُ ما عليها من كلماتٍ..
(( هي كانت ، وكنتُ أنا ، والمكانُ مختبىء خلفَ المدينةِ ،والصَّيفُ يبتعد ، والخريفُ يقترب ،
حاولنا أن نكونَ معاً ، كما كُنّا نكونُ في مثلِ هذهِ اللحظاتِ..
غامرنا حتى صرنا هنا ، ولكن ( هنا) أضحى مِقبرةً لما كان بيننا ،
حتى أنني أحسستُ للحظاتٍ بأنَّهُ سيُصبحُ مقبرةً لنا .))
سرى شاهين
سورية
تعليقات
إرسال تعليق