عن دمشق لا زلنا نتحدث.. 1من2.. بقلم الكاتب/حسين نصر الله

 عن دمشق (لا زلِنْا نتحدثُ) ..   (1 من 2 ) ..

دمشقُ عِشْقٌ  تَملَّك َ قلب الشاعر السوري نزار قباني فنثرهُ عطراً شعرياً :

بحثٌ ودراسة إعداد : حسين نصر الدين :

الشام في أزقتها تختلط رائحة الياسمين الأبيض بالنارنج لتشكلان مزيجاً ساحراً، وفي أسواقها تزدهي المحلات بحكايا الزمن الجميل وآثاره ، تسير


في شوارعها فتلاطف سمعك لهجة سكانها القريبة لتستقر في قلبك ، إنّها مدينة كتب لأجلها الشعراء ، وفي جمالها تغنى الأدباء ، فهي موطن للحب والخضرة وخصب الأرض وطيب الماء ، وهي قبلةٌ للجمال وموئلٌ للشغف .

دمشقُ : المدينة السورية المحملّة بعبق التاريخ ، والموسومة ببصمات حضارات عديدة تعاقبت ْ   ، هي دار نزار التي عبر عنها في مقال طويل مشهور بعنوان (دارنا الدمشقية) قائلا ً: "هل تعرفون معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة ، إنني لا أحاول رشوتكم بتشبيه بليغ ، ولكن ثقوا أنني بهذا التشبيه لا أظلم قارورة العطر، وإنما أظلم دارنا  ، والذين سكنوا دمشق ، وتغلغلوا في حاراتها وأزقتها الضيقة ، يعرفون كيف تفتح لهم الجنة ذراعيها من حيث لا ينتظرون ." تلك الجنة الدمشقية التي وصفها نزار لمْ تُقَّصِرْ معه وبادلته حباً بحب ، فتسَمى شارع في دمشق باسمه ، ما جعله يعبر بجذل وفرح يكشف عمق علاقته بذلك المكان قائلاً :  " نزار قباني هذا الشارع الذي أهدته دمشق إليّ ، هو هدية العمر، وهو أجمل بيت أمتلكه على تراب الجنّة ، تذكروا أنني كنت يومًا ولدًا من أولاد هذا الشارع لعبت ُ فوق حجارته وقطفت أزهاره ، وبللت أصابعي بماء نوافيره " . خلّد نزار تلك العلاقة الخاصة بمدينته دمشق ، كما أسلفنا في قصائد عدة ، لكنه أفرد لها بعض القصائد من بينها قصيدته (ترصيع بالذهب على سيف دمشقي) ، والتي يقول في مقدمتها معبراً عن أشواقه المزمنة لدمشق " الشام"  ولمفردات الحياة فيها ، ويستخدم رموزاً تَمُّتُ إلى تلك الحياة بصلة أكيدة :هل مرايا دمشق تعرف وجهي ..

                            من جديد أم غيرتني السنين ..

يا زماناً في الصالحية سمحاً ..

                             أين مني الغِوى وأين الفتون ..

يا سريري ويا شراشف أمي ..

                             يا عصافير يا شذا يا غصون ..

يا زواريب حارتي خبئيني ..

                             بين جفنيك فالزمان ضنين ..

واعذريني إذا بدوت حزينا ..

                             إن وجه المحب وجه حزين ..

ثم يسترسل بعد ذلك في التعبير عن لواعج الفراق بينه وبين محبوبته دمشق :  

ها هي الشام بعد فرقة دهر ..

                             أنهر سبعة وحور عين ..

آه يا شام كيف أشرح ما بي

                             وأنا فيك دائما مسكون ..

يا دمشق التي تفشى شذاها ..

                             تحت جلدي كأنه الزيزفون ..

قادم من مدائن الريح وحدي ..

                             فاحتضني كالطفل يا قاسيون ..

أهي مجنونة بشوقي إليها ..

                             هذه الشام أم أنا المجنون ؟ ..

ثم يصفُ نزار فخره بانتصار دمشق في حرب تحرير الأرض العربية في تشرين «أكتوبر»، فيقول مستحضراً صورة الانتصار والمجد الذي مثلته غرناطة ذات زمان في حضارة العرب والمسلمين : 

شمس غرناطةَ أَطَّلَتْ علينا ..

                             بعد يأسٍ وزغردت ميْسَلونُ ..

يا دمشق البسي دموعي سواراً ..

                             وتمنّي فكلُّ شيء يهونُ ..

وضعي طَرحَةَ العروس لأجلي ..

                             إنَّ مَهْرَ المُناضلاتِ ثمينُ ..

نحنُ عكا ونحنُ كرمل حيفا ..

                             وجبال الجليل واللطرونُ ..

كل ليمونة ستنجب طفلاً ..

                             ومُحالٌ أن ينتهي الليمونُ ..

ويستمر نزار قباني في الإفصاح عن غرامه بدمشق حين يجعلها قصيدة قائمة بذاتها في "القصيدة الدمشقية"  فيقول :     هذي دمشق وهذا الكأس والرّاحُ ..

                             إني أحبُ وبعض الحب ذباح ُ ..

وللحديثِ بقية تابعونا مع وافر الشكر لمُتابعتكم الكريمة : حسين نصر الدين .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سيف ودرع...بقلم الشاعر أكرم كبشة

كادوا للأمة الإسلامية...بقلم الشاعرة تغريد طالب الأشبال

وداعا يا حبيبي....بقلم الشاعر محمد السيد يقطين

احيانا،ودي ما تغيب الذكريات....بقلم الشاعر رضوان منصور

حوار شعري بين حبيبين.. بقلم الشاعر/م.صبري مسعود.

في هذه الحديقة....بقلم الشاعر نورالدين جقار

نثريات.. بقلم الكاتب/محمد حسن البلخي

تحت وطأة الدجى....بقلم الشاعر توفيق عبد الله حسانين

تهمة في مسالك التحقيق...بقلم الشاعرة مريم بوجعدة

يمضي الليل...بقلم الشاعر أبو روان حبش